الحمد لله.
مما ينبغي أن يعلم أن الأصْل أَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الْحَقَّ فِي إِنْجَابِ الأْوْلاَدِ ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِل عَنْ زَوْجَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهَا ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَتَّخِذَ أَيَّ وَسِيلَةٍ لِمَنْعِ الْحَمْل إِلاَّ بِإِذْنِهِ . ينظر : " الموسوعة الفقهية " (3/156) .
قال ابن نجيم الحنفي :
" وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَدُّ الْمَرْأَةِ فَمَ رَحِمِهَا كَمَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ لِمَنْعِ الْوَلَدِ حَرَامًا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ ، قِيَاسًا عَلَى عَزْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا ". انتهى من " البحر الرائق " (3/215) .
وقال ابن مفلح الحنبلي :
" وَلَهَا شُرْبُ دَوَاءٍ مُبَاحٍ لِقَطْعِ الْحَيْضِ ... وَقَالَ الْقَاضِي : بِإِذْنِ زَوْجٍ كَالْعَزْلِ ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي بَعْضِ جَوَابِهِ : وَالزَّوْجَةُ تَسْتَأْذِنُ زَوْجَهَا ". انتهى من "الفروع " (1/392).
قال المرداوي : " وهو الصواب ". انتهى من " الإنصاف " [1 /272] .
وقال البهوتي الحنبلي :
" وقَالَ الْقَاضِي : لَا يُبَاحُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْوَلَدِ ، ". انتهى من "كشاف القناع " [2 /96] .
ولكن إذا وجد عذر ظاهر للزوجة في عدم الإنجاب ، كأن يكون الحمل يسبب لها ضرراً واضحاً بشهادة الأطباء الثقات ، ففي هذه الحال ، يسقط حق الرجل في الاستئذان ، لأن مصلحة المرأة في الحفاظ على صحتها ، مقدمة على مصلحة الرجل في الإنجاب .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لَا ضَرَرَ ، وَلَا ضِرَارَ) . رواه ابن ماجه (2340) وحسنه النووي في كتابه " الأذكار صـ 502.
بل قد أجاز العلماء للمرأة الحامل إسقاط الحمل ما دام
في الأيام الأولى ، إذا كان سيترتب عليه ضرر بصحتها. ينظر: جواب السؤال (82851) .
وفي فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : أنا متزوجة ، وزوجي يرفض أن آكل حبوب
منع الحمل ، حيث لا يحس بالتعب الذي ألاقيه ، أنا متضررة ، وقد أكلت حبوب منع الحمل
دون علم زوجي ، هل في ذلك حرج ؟.
فأجاب الشيخ : " إذا تيسر تركها فهو أحوط ، أما إذا كان الضرر عظيماً ، والمشقة
كبيرة ، فلا بأس ، وإلا فتركها أحوط ، وطاعة الزوج واجبة ، إلا إذا كان الضرر كبيرا
ويشق عليك ؛ لقول الله سبحانه : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ". انتهى
من "مجموع فتاوى ابن باز" (21 /183).
والأولى لك أن تحاولي مع زوجك ليتم الأمر بتفاهم واتفاق بينكما ، وعلى الرجل أن
يراعي وضع زوجته وحالتها الصحية .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: " وعلى الزوج
إذا رأى أن المرأة تتأثر تأثراً غير معتاد في حملها : أن يأذن لها في استعمال ما
يمنع الحمل ، أو هو بنفسه يستعمل ما يمنع الحمل رأفةً بها ، ورحمةً بها ، حتى تنشط
وتقوى على ذلك ". انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".
وأما سوء معاشرة الزوج ، وشراسة أخلاقه ، فليست عذراً في ترك الإنجاب ، فقد يجعل
الله في هذا الطفل عوضاً وخيرا كثيراً ، كما قال تعالى : ( يخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ
الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ).
وقال : ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا
كَثِيرًا ) [النساء: 19].
والله أعلم .
تعليق