الحمد لله.
متابعة أخبار العالم وما يجري فيه من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية جزء من الوعي الذي ينبغي أن يتحلى به المسلم المعاصر ، فالعالم يعيش اليوم في قرية صغيرة يؤثر شرقها في غربها ، وشمالها في جنوبها ، وتتشابك فيها الأحداث بعضها ببعض ، حتى إن أسعار أقوات الناس في بلادنا قد تتأثر بحادث يحصل في أقصى العالم ، ولم يعد من الممكن لمجتمع من المجتمعات أن يعزل نفسه عما حوله ، شاء أم أبى ، فكان لا بد من الاهتمام البالغ بفهم مجريات العالم من حولنا .
نقول هذا ونحن نعلم أنه الحد الأدنى الذي يمكن أن يقتنع به بعض المعارضين لهذه النصيحة، وإلا فالحقيقة التي ينبغي أن يسعى المسلم المعاصر إليها ، أن يبادر بالإقبال على فهم عالمه الذي يعيش فيه ، ويبدع في ذلك كي ينجح المسلمون في نشر دعوتهم وحضارتهم ، وبث النور الذي أنزل إليهم إلى العالم كافة ، من خلال مفاتيح العلم والثقافة واللغة التي يتحدث بها العالم اليوم ، ولا يمكن التوصل إليها وإتقانها إلا بحيازة وسائل المعرفة ومتابعة وسائل الإعلام .
وأما الحديث الشريف الوارد في السؤال : ( مِنْ حُسْنِ
إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ) رواه الترمذي (2318) وصححه
الألباني – فهذا لا يمنع من متابعة المرء لما يدور حوله من الأحداث والمجريات ؛ لا
سيما إن كان مما يتعلق بأمته ، أيا كان مكانها .
بل إن ما يتعلق بغيرنا من الأمم يعنينا كثيرا ، بمعنى أنه يتحتم أن يكون فينا من
يعرفه ، وإن لم يكن ذلك لازما لكل أحد .
يقول الشيخ محمد رشيد رضا – في معرض حديثه عن العلوم التي يحتاج إليها الداعية ،
وقد ذكر علم التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع - :
" علم السياسة...والمراد به العلم بحال دول العصر وما بينهما من الحقوق والمعاهدات
وما لها من طرق الاستعمار . فالأمة التي تؤلف للدعوة في بلاد غير بلاد المسلمين
المستقلة لا يتيسر لها ذلك إذا لم تكن عارفة بسياسة حكومة تلك البلاد ، وهذا شيء
غير ما تقدم من اشتراط معرفة حال من توجه إليهم الدعوة ، والسياسة بهذا المعنى لم
تكن في عصر الصحابة " انتهى من " تفسير المنار " (4/35)
وينظر جواب السؤال رقم : (128316)
ولكن يجب لمن يتابع ذلك ألا يطغى على وقته أو يصرفه
عما هو أفضل وأنفع من العلم النافع والعمل الصالح ، وأن يجتهد في ألا ينظر إلى
المذيعات المتبرجات اللاتي يقدمن تلك البرامج ، وما يصاحب هذه البرامج ، أو يتخللها
من الموسيقى ؛ فإن أمكنه أن يستغني بنشرة مفيدة في قناة إسلامية تخلو من ذلك فهو
أولى له وأحوط لدينه .
وينظر جواب السؤال رقم : (138348)
والله أعلم .
تعليق