السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

علم الوراثة

161296

تاريخ النشر : 06-12-2010

المشاهدات : 15116

السؤال

عندي بحث حول هندسة الجينات (علم الوراثة) وكيف كانت ردود الأفعال عند ديانات مختلفة حول هذا الموضوع. تهمني أية معلومات أو اقتباسات تقودني إلى رأي الإسلام في الموضوع . مثلا: هل تعتقد أن ذلك خطأ/صواب ، غير أخلاقي/أخلاقي ، وهل تختلف نظرة دينكم وفقا للغرض الذي يُوظف فيه هذا العلم ، مثلا: الأطعمة، الحروب البيولوجية وإعادة بناء الجينات . أيضا، أرجو أن تقدم لي رقما هاتفيا لشخص أتحدث معه في هذا الخصوص ، أو ترسل لي مطويات . . الخ، وسوف أقدر لك ذلك جدا.

الجواب

الحمد لله.


لا بد من الإشارة لبعض المسائل ابتداءً :
1. عني الإسلام بمراعاة العامل الوراثي بل وقرر وجوده بل وأكَّده وذلك ظاهر في أكثر من حادثة مع النبي صلى الله عليه وسلم منها :
أ‌. عن أبي هريرة قال : كنتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلٌ فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنظرتَ إليها ؟ قال : لا ، قال : فاذهب فانظر إليها ؛ فإنَّ في أعين الأنصار شيئاً . رواه مسلم ( 1424 ) .
ب‌. عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله وُلد لي غلام أسود ، فقال : هل لك من إبل ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حُمْر ، قال : هل فيها من أورق ؟ قال : نعم ، قال : فأنَّى ذلك ؟ قال : لعله نزعه عرق ، قال : فلعل ابنك هذا نزعه . رواه البخاري ( 4999 ) ومسلم ( 1500 ) .
الأورق : السواد غير الحالك .
وغير ذلك من الشواهد الكثيرة التي تبين أن الإسلام اعتنى بتقرير العامل الوراثي وإمكان الاعتماد عليه واعتباره في اختيار الأصلح خُلُقاً وخَلْقاً .
2. إذا كانت هذه الهندسة متعلقة بإحداث تغييرات في نتائج الأصناف المتعددة من جهة إعادة ترتيب سلاسل الأحماض النووية التي هي نوايا الخلايا الحية : فإن هذا التغيير ينقسم إلى قسمين :
1- قسم مختص بالبشر – أي : بالتغيير في جينات البشر .

2- وقسم متعلق بغير البشر - أي : بما يكون في الأطعمة والحيوانات التركيبات الكيماوية وغير ذلك - .

أما القسم الذي يكون متعلقاً بغير البشر : فإن المسألة فيه على السعة ، فلقد تقرر عند الزرَّاع قديماً أنواعاً من التركيبات الشجرية التي تفرز لهم أصنافاً جديدة مرغوباً فيها أحياناً ، وذلك من غير نكير ، بل لقد كان واضحاً مراعاة ما يمكن صنعه عند كثير من أهل المهن المتعلقة بنضوج الأصناف المختلفة وذلك واضح في نحو قوله صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بشؤون دنياكم " في حادثة تأبير النخل المشهورة .
عن رافع بن خديج قال : قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل - يقولون : يلقحون النخل - فقال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنعه ، قال : لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً ، فتركوه ، فنقصت ، قال : فذكروا ذلك له ، فقال : إنما أنا بشر ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر . رواه مسلم (2362)
وأما القسم المتعلق بهندسة الجينات في المجال البشري : فإن هذا تقرر إخضاعه لرقابة شديدة جداً وبالجملة فإنه يمكن أن يقال : إنه يقسم إلى قسمين :
القسم الأول : وهو إعادة الهيكلة والترتيب في الجينات الموجودة من غير خلط بأخرى من أجل إزالة عيوب محتملة خلقة ؛ فإن هذا الأقرب فيه جوازه من جهة أنه أقرب إلى التداوي منه إلى زيادة صفات جديدة .
والقسم الثاني : وهو أخطرها ، وهو إيجاد صنف لم يكن ، وذلك عن طريق مزج عوامل وراثية غريبة بدعوى إيجاد صنف جديد خال من الشوائب ، وهذا بالتأمل والنظر : ممنوع شرعاً وعقلاً .
فشرعاً : لأنه لم يكن فيه تنظيم لعلاقة الرجل مع المرأة أو الأزواج التي هي محل مراقبة وعناية شديدة في الإسلام.
وعقلاً : لأن هذا فيه إضاعة الرابطة الاجتماعية القوية وهي رابطة القربى والنسب بين أفراد العنصر البشري الواحد فإذا ضاعت هذه الرابطة لم يكن للإنسان ما يميزه عن غيره في كونه عنصراً مألوفاً متفاهماً وله عادات وتقاليد وظروف تجعله يتمتع بأنواع السعادة التي تجلب عليه هذه الأسباب .
وللاستزادة يمكن مراجعة ما كتبه الدكتور عبد الستار أبو غدة حول هذا الموضوع في " مجلة المجمع الفقهي " ( 8 / 1203 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب