الحمد لله.
أولا :
لقد آلمتنا رسالتك أيما إيلام ، آلمنا أن يتمكن منك هذا الداء ، وأنت صاحب القرآن الذي تعلمه للناس .
لسنا بحاجة إلى أن نذكرك بخطر الانفصام بين العلم والعمل ، وأن هذا من نفاق العمل ، والعياذ بالله ، والذي كان السلف يحذرونه على أنفسهم ، ويحذرون منه أشد التحذير .
ولسنا في حاجة إلى أن نذكرك بخطر معاصي الخلوات ، فقد أشرت أنت إليها أيضا .
لكن الذي ينقصك ـ فيهما يظهر لنا ـ أن تصبر نفسك ، وتجاهدها على ترك ذلك لله ، وأنت صاحب القرآن الذي يحفظ قول الله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) ؛ تحتاج إلى أن تذكر نفسك بمقام الله منك ، واطلاعه على ما تأتيه ، وسمعه وبصره .
قال بعض السلف : أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء : قل لقومك : ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي وتظهرونها لي ؟! إن كنتم ترون أني لا أراكم ، فأنتم مشركون بي !! وإن كنتم ترون أني أراكم ، فلم تجعلوني أهون الناظرين إليكم ؟!
وكان وهيب بن الورد يقول : خف الله على قدر قدرته عليك ، واستحِ منه على قدر قربه منك !!
وقال له رجل : عظني !! فقال له : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك !!
ينظر : "جامع العلوم والحكم" ، لابن رجب الحنبلي (162) .
وما نحتاجه أيضا : هو تذكر أن النعم تزول بعدم الشكر ، فقد يسلب الإنسان نعمة الحفظ أو العلم بإدمانه على المعصية ، نسأل الله العافية لنا ولك وللمسلمين .
ونرجو منك أن تراجع كتاب "أخلاق حملة القرآن" للإمام الآجري رحمه الله ، فهو كتاب نافع مبارك مفيد إن شاء الله ، و"أخلاق العلماء" له أيضا .
ثانيا :
الذي ننصحك به : أن تقطع عنك أبواب الشهوة والمثيرات بالكلية ، والحمد لله أن عندك زوجة صالحة تطيعك ، وتعينك على إعفاف نفسك .
وليس من الحكمة في شيء أن يفكر المرء في زواج آخر ، وحاله من الماديات لا تسمح بذلك ؛ فاضرب صفحا عن هذا الأمر ، ما دمت بحالك التي وصفت ، واغتنم صلاح زوجتك ، وعندها ما عند غيرها من النساء ، فاستعف بها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( .. وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ) رواه البخاري (1428) ومسلم (1053) .
وإذا كنت قد علمت الباب الذي يدخل عليك منه الشيطان ، فالواجب عليك أن تغلقه عنك بالمرة ، فأخرج التلفاز من عندك ، ومن بيتك بالكلية ، إن كنت تشاهد تلك الأفلام فيه .
وإن كنت تشاهدها من خلال الإنترنت ، فاقطع اتصالك به ، إلى أن يستقيم حالك ، وبإمكانك أن تحصل الفائدة التي ترجوها منه ، من خلال بعض أصدقائك وإخوانك ، في وقت قصير ، وبمحضر منهم ، حيث لا يمكنك أن تطالع ما يفسد عليك دينك .
فكن أنت رقيب نفسك ، وسائقها لله .
وأما أمر الدروس ، فبإمكانك أن تحصل على ما شئت من الدروس العلمية والوعظية ، والكتب والرسائل ، بأيسر طريق ، وأهون كلفة .
لكن القضية ليست علما زائدا ، ولا درسا ، أو خطبة تنقصك ؛ إنما ينقصك العزم ، والصدق مع الله على أن تكف عن ذنبك .
ومن تاب تاب الله عليه .
نسأل الله أن يشرح صدرك ، ويغفر ذنبك ، ويرزقنا وإياك التوبة النصوح .
والله أعلم .
تعليق