الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل في موطأ الإمام مالك أحاديث ضعيفة؟

167031

تاريخ النشر : 29-04-2011

المشاهدات : 56455

السؤال

هل يوجد في موطأ الإمام مالك أحاديث ضعيفة, وكيف أقنع شخصا يتعصب للإمام مالك ولآرائه ، علما أنه يعتقد أن لا مرجعية إلا للموطأ, أي أن بقية العلماء لا يعنون له شيئا, فما الحل أثابكم الله ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
موطأ الإمام مالك : كتاب عظيم النفع ، جليل القدر ، حتى قال فيه الشافعي رحمه الله : " لا أعلم كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك " ويروى : " ما على وجه الأرض بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك " وهذا قبل وجود صحيحي البخاري ومسلم .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله : " قول الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله: " لا أعلم كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك " ، إنما قاله قبل البخاري ومسلم. وقد كانت كتب كثيرة مصنفة في ذلك الوقت في السنن، لابن جريح، وابن إسحق - غير السيرة - ولأبي قرة موسى بن طارق الزبيدي، ومصنف عبد الرزاق بن همام، وغير ذلك.
وكان كتاب مالك، وهو " الموطأ " ، أجلها وأعظمها نفعاً، وإن كان بعضها أكبر حجماً منه وأكثر أحاديث. وقد طلب المنصور من الإمام مالك أن يجمع الناس على كتابه، فلم يجبه إلى ذلك. وذلك من تمام علمه واتصافه بالإنصاف، وقال: " إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها " .
وقد اعتنى الناس بكتابه " الموطأ " ، وعلقوا كتباً جمة. ومن أجود ذلك كتابا " التمهيد " ، و " الاستذكار " ، للشيخ أبي عمر بن عبد البر النمري القرطبي، رحمه الله. هذا مع ما فيه من الأحاديث المتصلة الصحيحة والمرسلة والمنقطعة، والبلاغات اللاتي لا تكاد توجد مسندة إلا على ندور " انتهى من " الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث".

وقال الحافظ العراقي رحمه الله : " إن مالكا رحمه الله لم يفرد الصحيح ، بل أدخل فيه المرسل والمنقطع والبلاغات ، ومن بلاغاته أحاديث لا تعرف كما ذكره ابن عبد البر " انتهى من "التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح (1/ 25).

وقال السيوطي رحمه الله نقلا عن ابن حزم : " وأحصيت ما في موطأ مالك وما في حديث سفيان بن عيينة فوجدت في كل واحد منهما من المسند خمسمائة ونيفا مسندا ، وثلاثمائة مرسلا ونيفا ، وفيه نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل بها ، وفيها أحاديث ضعيفة وهّاها جمهور العلماء " انتهى من "تدريب الراوي" (1/111).

فتبين بهذا أن الموطأ مع منزلته العالية بين كتب السنة ، إلا أن فيه جملة من الأحاديث الضعيفة ، والبلاغات التي لا تعرف .
وينظر لزيادة التعرف على كتاب الموطأ : سؤال رقم (81160)

ثانيا :
العامي الذي لا يستطيع النظر في الأدلة وفي أقوال العلماء ، فرضه التقليد لأهل العلم ، كما قال تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل/43
لكن لا يجب على المسلم اتباع مذهب معين ، بل يسأل من يثق به من أهل العلم .
وأما القادر على الاستنباط من الكتاب والسنة ، أو معرفة الراجح والمرجوح بالاعتماد على الثروة العلمية التي تركها العلماء ، فهذا يعمل باجتهاده ، أو بما ترجح لديه ، ولا يسوغ له التقليد فيما يعتقد الحق بخلافه ، بل يأخذ بما يعتقد أنه حق ، ويجوز له التقليد فيما عجز عنه واحتاج إليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله ، من أي مذهب كان ، ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول ، ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يوجبه ويخبر به ، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
واتباع شخص لمذهب شخص بعينه لعجزه عن معرفة الشرع من غير جهته : إنما هو مما يسوغ له ، ليس هو مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق ؛ بل كل أحد عليه أن يتقي الله ما استطاع ، ويطلب علم ما أمر الله به ورسوله ، فيفعل المأمور ويترك المحظور " انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 209).

وينظر : سؤال رقم (21420) ورقم (10296) .

فينبغي أن تنصح صاحبك بطلب العلم وترك التعصب المذموم ، والأخذ بالقول الراجح إن كان أهلا للنظر والتمييز بين كلام أهل العلم ، وإلا فليقلد من يثق به من أهل العلم ، ولا ينبغي أن يكون هذا الأمر سببا في الخصومة والجدال ، بل حسبك أن تبين له الصواب ، فإن فعل فالحمد لله ، وإن لم يفعل فخطؤه على نفسه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب