الحمد لله.
إذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً لم تحل له حتى تنكح زوجاً آخر ، نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يفارقها ؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) البقرة/230 .
وروى أبو داود (2076) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) .
وصححه الألباني في سنن أبي داود .
وإذا تزوجت المطلقة من ثانٍ وفي نيتها أن تطلق منه لتعود إلى الأول ، ففي ذلك خلاف بين الفقهاء ، فمنهم من جعل ذلك من التحليل المحرم ، ومنهم من قال إن نيتها لا تؤثر .
وينظر جواب السؤال رقم : (131290) .
وأنت الآن زوجة لرجل مسلم له حقه وحرمته ، ولا يجوز خداعه أو ظلمه ، كما لا يجوز لك طلب لطلاق أو الخلع إلا عند وجود السبب الذي يبيح ذلك ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والبأس : هو الأمر والسبب الملجئ للطلاق ، كسوء عشرة الرجل ، وفسقه وانحرافه .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: (إن المختلعات هن المنافقات) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1934) .
والمراد : من طلبت من زوجها الخلع بدون عذر شرعي يبيح لها ذلك .
ومن الأسباب التي تبيح طلب الخلع : ما لو كرهت المرأة الزوج ، ولم تستطع أن تعطيه حقه ، أو خشيت ألا تفعل ذلك فتكون كافرة للعشير ؛ لما روى البخاري (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في بيان ما يسوّغ طلب الخلع : " إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب والانتقاد لأدنى فعل والعتاب على أدنى نقص فلها الخلع .
ثانياً : إذا كرهت خِلقته كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع .
ثالثاً : إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة أو التهاون بالجماعة أو الفطر في رمضان بدون عذر أو حضور المحرمات كالزنا والسكر والسماع للأغاني والملاهي ونحوها فلها طلب الخلع.
رابعاً : إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك فلها طلب الخلع .
خامساً : إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها لعُنّة ( عيب يمنع القدرة على الوطء) فيه ، أو زهد فيها ، أو صدود إلى غيرها ، أو لم يعدل في المبيت فلها طلب الخلع ، والله أعلم " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (1859) .
فإذا وجد شيء من هذه الأسباب جاز لك طلب الخلع ، وتردين عليه مهره .
وإذا لم بوجد منها شيء حرم عليك طلب الطلاق أو الخلع ، ووجب أن تؤدي حق زوجك ، وألا تؤذيه بقول أو فعل ، وعليك حينئذ الصبر وتناسي أمر زوجك الأول ، ولعل ما أنت فيه خير ونعمة لك ، قال تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216 ، وقال سبحانه : ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19 .
والله أعلم .
تعليق