الحمد لله.
الطريق الأولى تجوز على سبيل الإجارة ، فأنت تؤجر سيارتك على العامل بملغ معين ، ويترتب على ذلك أحكام الإجارة من جهة الصيانة والضمان .
فالعين المؤجرة ملك لصاحبها ترجع إليه عند انتهاء عقد الإجارة ، وعليه صيانتها طول المدة ، لأنه المالك لها ، وهي أمانة في يد العامل لا يضمن شيئا منها إلا إذا حصل منه عدوان أو تقصير .
ويلزم العامل دفع الأجرة سواء عمل أو لم يعمل ، وسواء ربح أو خسر ، فهي إجارة شأنها شأن سائر الإجارات .
والطريقة الثانية جائزة عند بعض أهل العلم وهم الحنابلة ، قياسا على المساقاة والمزارعة .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها ، وما يرزق الله بينهما نصفين أو أثلاثا أو كيفما شرطا : صح ، نص عليه في رواية الأثرم ومحمد بن أبي حرب وأحمد بن سعيد . ونقل عن الأوزاعي ما يدل على هذا .
وكره ذلك الحسن والنخعي ، وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي : لا يصح ، والربح كله لرب الدابة ؛ وللعامل أجر مثله .
ثم استدل ابن قدامة على جوازها بقوله : ولنا : أنها عين تُنمى بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها ، كالدراهم والدنانير ، وكالشجر في المساقاة ، والأرض في المزارعة .
وقد أشار أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة ، فقال : لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع ؛ لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى خيبر على الشطر . وهذا يدل على أنه قد صار في هذا ومثله إلى الجواز ؛ لشبهه بالمساقاة والمزارعة ، لا إلى المضاربة ، ولا إلى الإجارة .
ونقل أبو داود عن أحمد في من يعطي فرسه على النصف من الغنيمة : أرجو أن لا يكون به بأس . قال إسحاق بن إبراهيم : قال أبو عبد الله : إذا كان على النصف والربع فهو جائز . وبه قال الأوزاعي .
ونقل أحمد بن سعيد عن أحمد في من دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ، ويكون له ثلث ذلك أو ربعه ، فجائز ، والوجه فيه ما ذكرناه في مسألة الدابة .
وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها ، وله نصف ربحها بحق عمله ، جاز . نص عليه في رواية حرب .
وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثَمنه أو ربعه ، جاز . نص عليه . ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئا من ذلك ؛ لأنه عوض مجهول وعمل مجهول . وقد ذكرنا وجه جوازه " انتهى من "المغني" (5/7).
والله أعلم .
تعليق