الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل من حق الزوج التدخل في علاقة زوجته بصديقاتها ؟

السؤال

أريد معرفة هل للزوج الحق في التدخل في اختيارات زوجته لصديقاتها شرعاً ؟ وهل هناك دليل في القرآن والسنَّة ؟ . جزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
من الطبيعي أن يكون للمرأة المتزوجة قبل زواجها صديقات وصاحبات ، وليس في شرع الله تعالى مطلقاً أنها تمتنع عن صحبتهن وصداقاتهن إلا أن يأذن الزوج بذلك ، بل الأصل بقاء ما كان على كان ، فيكون لها صديقاتها من السابق ويزرنها في بيتها وتكرمهم ، وهكذا كان الأمر مع الصحابيات الجليلات ، وعلى رأسهن أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم .
عن أُمِّ سَلَمَةَ قالت : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ.
رواه البخاري ( 1233 ) ومسلم ( 834 ) .
فهذه أم سلمة رضي الله عنها يدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتها فيجد صديقاتها عندها ، ثم ذكرت رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى ركعتين قضاء لسنَّة الظهر .
والأدلة كثيرة ، ويكفي منها ما سبق ، بل والأصل أن الزوج يُكرم صديقات زوجته حتى لو كان ذلك الإكرام بعد وفاة زوجته ! وبهذا جاءت السنَّة الصحيحة .
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا رَأَيْتُهَا ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِى صَدَائِقِ خَدِيجَةَ ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ : كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلاَّ خَدِيجَةُ ، فَيَقُولُ ( إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ ) .
رواه البخاري ( 3607 ) ومسلم ( 2435 ) .
صدائق : جمع صديقة .

ثانياً:
ما ذكرناه آنفاً لا يخالف وجوب طاعة الزوجة زوجَها إذا أمرها أن تقطع علاقتها بصديقة لها ، أو منع إحداهن أن تزورها ؛ لأن الزوج له القوامة في البيت على المرأة وهو الراعي والمسئول عن رعيته ، قال تعالى ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ 34 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .

والزوجة ليس لها أن تُدخل أحداً في بيت زوجها إن كان الزوج ممانعاً لدخوله بيته ، وليس للزوجة أن تخرج من بيت الزوجية إلا بإذن زوجها ، ولو منعها من زيارة أهلها فعليها أن تمتنع ، وقد يكون ظالماً في قراراته تلك فيأثم ، وقد يكون مصيباً فيؤجر ، وفي كل الحالات يجب على الزوجة أن تطيع زوجها في هذا الباب ، والمرأة العاقلة لا تقدِّم صداقة امرأة على بقائها زوجة تسعد مع زوجها وأولادها في بيت الزوجية .
عن جابر قال : قال صلى الله عليه وسلم ( فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُم أَخَذتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاستَحلَلتُم فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَلَكم عَلَيهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم أَحَدًا تَكرَهُونَهُ ، فَإِن فَعَلنَ ذَلِكَ فَاضرِبُوهُنَّ ضَربًا غَيرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ رِزقُهُنَّ وَكِسوَتُهُنَّ بِالمَعرُوفِ ) رواه مسلم ( 1218 ) .
وليس يلزم من ذلك المنع أن يكون الزوج يطعن في أخلاق الصديقة ، أو دينها ، بل وجوه المصالح والمفاسد كثيرة ، قد لا تتبينها الزوجة في كل حال .
وأما إذا تبين الزوج من أخلاق الصديقة ، أو دينها ما يستدعي ذلك ، فالأمر فيه واضح ، ولا يحتاج إلى بيان .
وانظري – لمزيد فائدة – جوابي السؤالين ( 112048 ) و ( 10680 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب