الحمد لله.
يجب على الآباء أن يعلموا أن الله تعالى قد جعلهم رعاة على أهليهم وهم مسئولون عنها يوم القيامة ، كما جاء عن عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، ... ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
وقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ) التحريم/ 6.
ومن هنا ننطلق لنقول للأب الفاضل إن الإقامة بين أظهر
أهل البدع المغلظة والعقائد الفاسدة فيه خطر عليك وعلى أسرتك من حيث الفتنة
بعقائدهم ، وإذا كان الوالد ملتزما وفي مأمن إن شاء الله من ضلالاتهم وبدعهم ، وإذا
كنتم أنتم كذلك : فالخطر لا يزال باقيا على ذريتكم وأولادكم .
وإذا علمنا أن أولئك المبتدعة هم الرافضة ازداد تحذيرنا لك ليشمل الخوف على نفسك
وأسرتك من كيدهم وإيقاع الضرر الحسي عليكم ، وواقع بلادكم يشهد بذلك ، فلا ينبغي أن
تقدِّم العاطفة على العقل والدِّين ، بل ينبغي إعادة النظر في إقامتكم بين أظهر
أولئك الذين يقيمون شعائر الشرك ، ويسبون خير هذه الأمة وهم صحابة رسول الله عليه
وسلم ، وقد ذكر العلماء أن المسلم إذا كان لا يأمن على نفسه وأهله الوقوع في الفتنة
أو كان لا يستطيع إظهار شعائر دينه : فإنه يجب عليه الهجرة من دياره ، ولا فرق
حينها بين أن تكون الديار ديار فسق أو بدعة أو شرك ، وهذا في حال أن يكون المسلم في
تلك الديار فيجب عليه الهجرة منها ، فكيف بمن يختارها ليذهب ليسكن فيها ويقيم بين
أظهر أولئك الذين يظهرون الشرك باسم الإسلام ويسبون الصحابة رضي الله عنهم
ويكفِّرون أهل السنَّة ؟! .
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله – في بيان أقسام الهجرة - : الثاني : الخروج من
أرض البدعة ، قال ابن القاسم : سمعتُ مالكاً يقول : " لا يحل لأحد أن يقيم ببلد
يُسبُّ فيها السلف " .
وهذا صحيح ; فإن المنكر إذا لم تقدر على تغييره فزُل عنه ، قال الله تعالى (
وَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوصُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ
بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) " . انتهى من " أحكام القرآن " (
2 / 412 ، 413 ) .
فالذي نراه لوالدكم الفاضل تجنب السكنى بين أظهر تلك
الفرقة المارقة لما ذكرناه من أسباب .
وفي حال إصرار والدكم على السكنى في ذلك المكان – بعد نصحه بالحسنى - فيجب عليكم
الحذر من كيد الرافضة وشرهم ، والاحتياط لدينكم من الفتنة بشعائر دينهم ، واختاروا
أن يكون جيرانكم الأقربون من أهل السنة المقيمون في هذا المكان .
والذي نشير عليكم به : ألا تشتروا بيتا أو أرضا في هذا المكان ، بل اجتهدوا أن تكون
إقامتكم فيها بإيجار مؤقت ، فلعل الله أن يهدي والدكم ، ويقتنع بالبعد عن هذا
المكان ، إلى ما هو خير منه .
وينظر جواب السؤال رقم ( 116607 )
.
وللاطلاع على أحوال الهجرة وشروطها انظر جواب السؤال رقم (
72955 ) ففيه تفصيل مفيد .
والله أعلم
تعليق