الحمد لله.
إذا كان الوالد فقيراً ، يحتاج إلى المال ، وكان الابن غنياً ، فيجب على الابن أن ينفق على والده ، ويعطيه ما يحتاجه من الأموال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) رواه النسائي (2532) وحسنه الألباني في إرواء الغليل .
وحينئذ لا يجوز للابن أن يجعل ما يعطيه للوالد قرضاً .
أما إذا كان الأب غنيا غير محتاج إلى المال ، أو كان الابن فقيرا لا يستطيع الإنفاق على أبيه ، فلا حرج على الابن في هذه الحالة أن يقرض أباه .
ويجب على الوالد أن يُرجعه إلى ابنه إذا كان قادراً على الوفاء ، ولا يحل له مطل ابنه .
وإذا كان الوالد معسراً لا يجد وفاء لهذا الديْن : فلا يجوز للابن أن يطالبه بماله ، بل يجب عليه إنظاره حتى يجد سعة ، قال تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) البقرة/280 ، وحكم الإنظار هذا واجب على صاحب المال تجاه غريمه المعسر الأجنبي فكيف إذا كان هذا الغريم والده ؟! .
وانظر جواب السؤال رقم (131420) .
ويجوز للابن أن يطالب أباه بالدين الذي في ذمته ، إذا كان الأب قادراً على الوفاء ، غير أن الأمر إذا وصل إلى القضاء فإن الأب لا يحبس بسبب دين ابنه .
قال ابن قدامة – رحمه الله - : " وليس للولد مطالبة أبيه بدين عليه ، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : له ذلك ; لأنه دين ثابت ، فجازت المطالبة به ، كغيره " انتهى من " المغني " ( 5 / 395 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 4 / 79 ) : " ولو استقرض الأب من ولده فإن للولد مطالبته ، عند غير الحنابلة ، لأنه دين ثابت فجازت المطالبة به كغيره ، وقال الحنابلة : لا يطالب ، لحديث ( أنت ومالك لأبيك " ( انتهى .
انظر تخريجه ومعناه في جواب السؤال رقم ( 9594 ) .
وقد ألَّف عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية الشيخ عبد الله بن محمد آل خنين حفظه الله رسالة في هذه المسألة أسماها " دعوى الولد على والده في الفقه الإسلامي " وقد حرر فيها مذهب الحنابلة وأثبت أن معنى عدم مطالبة الابن أباه في ديْنه إنما هو منع التنفيذ عليه لا مجرد المخاصمة وإثبات حقه عند القاضي .
قال الشيخ عبد الله بن محمد آل خنين - حفظه الله - : " ويظهر من مذهب الحنابلة جواز مخاصمة الولد أباه في الدين وإثباته في ذمته " انتهى .
وقد ذكر الشيخ الخنين حفظه الله مسألة حبس الوالد بديْن ولده وذكر الخلاف فيها ثم ختمها بقوله : " والأظهر قول الجمهور، فلا يسجن والد – من أب أو أم – بدين ولد، لما استدلوا به " انتهى من " دعوى الولد على والده والتنفيذ عليه في الفقه الإسلامي " ( ص 38 – 40 ) ، " مجلة العدل " ، العدد ( 31 ) ، رجب 1427 هـ .
والله أعلم
تعليق