الحمد لله.
أولاً :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس بين الخطبتين في الجمعة ، فقد روى البخاري (928) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا ) ، وروى مسلم (862) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ ) ، وروى أبو داود (1092) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ كَانَ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ حَتَّى يَفْرَغَ - أُرَاهُ قَالَ : الْمُؤَذِّنُ - ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ ثُمَّ يَجْلِسُ فَلَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ ) ، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" .
وقد اختلف العلماء في الحكمة
من مشروعية الجلوس بين الخطبتين .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " واختلف في حكمتها ، فقيل : للفصل بين الخطبتين ،
وقيل : للراحة ، وعلى الأول وهو الأظهر يكفي السكوت بقدرها " انتهى من " فتح الباري
" (2/ 406) .
ثانياً :
اختلف العلماء في حكم جلوس الخطيب بين الخطبتين في الجمعة ، وذلك على قولين :
القول الأول : أن الجلوس بين الخطبتين سنة ، وهو مذهب الجمهور .
القول الثاني : أن الجلوس بين الخطبتين شرط لصحة الخطبة ، وهو المذهب عند الشافعية
.
جاء في الموسوعة الفقهية (15/270) : " ذهب الحنفية , وجمهور المالكية , والحنابلة
في الصحيح من المذهب إلى أن الجلوس بين خطبتي الجمعة , والعيدين سنة ؛ لما روي عن
أبي إسحاق قال : رأيت عليا يخطب على المنبر فلم يجلس حتى فرغ .
ويرى الشافعية وهو رواية عن أحمد أن الجلوس بينهما بطمأنينة شرط من شروط الخطبة ؛
لخبر الصحيحين : ( أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة خطبتين يجلس بينهما
) " انتهى .
فعلى مذهب الجمهور إذا لم
يجلس الإمام بين الخطبتين ، فإنه يفصل بينهما بسكوت .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن خطب جالسا لعذرٍ فصل بين الخطبتين بسكتة , وكذلك
إن خطب قائما فلم يجلس . قال : ابن عبد البر : ذهب مالك , والعراقيون , وسائر فقهاء
الأمصار إلا الشافعي , أن الجلوس بين الخطبتين لا شيء على من تركه " انتهى من "
المغني " (2/78) .
والله أعلم .
تعليق