الحمد لله.
أولا :
إذا كان زوجك يترك بعض الصلوات ، وتحققت من ذلك ، أو كان يتهم مريم عليها السلام بالزنا ، أو ينكر مشروعية التعدد ، فالواجب أن تمتنعي منه ، ولا تمكنيه من نفسك حتى يتوب ويصلي ويرجع عن مقالته في مريم ، فإن أصر على باطله حتى انقضت عدتك ، فقد انفسخ النكاح الذي بينكما .
وذلك أن من ترك صلاة متعمدا حتى خرج وقتها ، فهو كافر ، في قول جمع من أهل العلم ، وهو المروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه تفتي اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمه الله ، وانظري السؤال رقم (83165) .
واتهام مريم عليها السلام بالزنا : كفر وردة عن الإسلام ؛ لأنه تكذيب للقرآن الذي برأها من ذلك
بل لو لم يتهمها بالزنا صراحة ، وادعى أنها تزوجت وولدت عيسى ابنها من زوج آخر ، وأن له أبا كسائر البشر ، فهو كافر مكذب بخبر القرآن والسنة عن خلق عيسى ، وما أجمع عليه أهل الإسلام في شأنه .
وكذلك إنكار التعدد تكذيب للقرآن الكريم والسنة المتواترة .
وإذا صدر الكفر من الزوج ، لزم الزوجة الامتناع منه حتى يتوب ، فإن لم يرجع إلى الإسلام حتى انقضت عدتها ، فقد انفسخ نكاحها ، وعليها أن تخلص منه بكل طريق ممكن ، بالطلاق ، أو بالخلع ، أو بمراجعة المركز الإسلامي ، أو المحكمة ولو كانت وضعية ؛ لأنه لا يحل لمسلمة أن تكون تحت كافر .
فحيث انقضت العدة مع إصراره على ما هو كفر ، فقد انفسخ النكاح شرعا ، وجاز لها أن تتزوج من غيره ، لكنها تحتاج إلى التخلص منه عبر الطرق الرسمية حتى لا يتمكن من تهديدها أو مضايقتها .
وانظري السؤال رقم (126523) .
وننبه إلى أن الزوج حديث العهد بالإسلام : لا يحكم بكفره وإن صدر منه ما ذكرت ،
حتى تقام عليه الحجة ، وتفنّد له الشبهة ، وذلك عن طريق من يحسن إقامتها من أهل
العلم والدين ، فيستمعون إليه ، ويزيلون شبهته ، فإن رجع فالحمد لله ، وإن أبى ،
كان كافرا ، وترتب عليه ما ذكرنا من وجوب امتناع زوجته منه ، وانفساخ نكاحه إذا
انقضت العدة قبل توبته .
ثانيا :
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين ، أي عقد
عليها وهي كذلك ، ودخل بها وهي بنت تسع سنين . وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما من
دواوين السنة . فقد روى البخاري (5133) ومسلم (1422) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ
بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ
عِنْدَهُ تِسْعًا .
وليس في ذلك ما يستغرب ، فإن كثيرا من النساء في الجزيرة العربية يبلغن في سن
التاسعة ، ويصلحن للزواج حينئذ ، وكان هذا شائعا منتشرا في ذلك الزمن .
ثالثا :
أما ما ذكرت من الكذب والخداع والتهديد ، فهذا ينظر فيه إلى حال الشخص ؛ فإن كان
يرجى من مثله أن يعالج بالصبر والحكمة ، إذا تاب من الأمور المكفّرة ، فاجتهدي معه
في ذلك ، واستعيني عليه بالرفقة الصالحة .
وإن كان قد بدا لك أن ذلك طبع راسخ عنده ، وأن المكر والخيانة قد صار أمرا من سجيته
، وأنه غير جاد في جهاد نفسه على ذلك ، وعلاجها من شره : فمثل هذا لا يؤمن جانبه ،
ولا يرجى من عشرته الخير ، ولو تاب من كفره ، ولو كان مسلما أصليا .
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق