الحمد لله.
محافظتكم على علاقتكم الجيدة بالناس مما تحمدون عليه ، وهو من مكارم الأخلاق ، ولا يجوز لخالتك ولا لزوجها أو غيرهما أن يسعوا في إفساد هذه العلاقة الحسنة .
لكن لا بد أن نعلم أن الخالة في مقام الأم ، وأن لها حقها المشروع في صلة الرحم وحسن التعامل ، ولذلك ننصح بالصبر عليها ، وتقديم النصح لها ولزوجها ، واعتماد كل ممكن من الوسائل المتاحة والمشروعة لنهيهما عن هذا المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولا بأس بالاستعانة بمن ترجون أن يؤثر فيهما بالنصح الرشيد .
وإذا كان الاختلاط بهما مما
يؤدي إلا إلى الفساد والشر فالبعد عنهما هو المتعين ، ولكن بدون قطيعة أو غيبة أو
سب ونحوه مما يعد من الأخلاق الرديئة التي حرمها الله .
بل يجتهد الإنسان في توقي الشر والأذى والإفساد ما استطاع ، ويكفي حينئذ الاتصال
بها عن طريق الهاتف للاطمئنان عليها ، والسؤال عن حالها وحال بيتها ونحو ذلك .
وينبغي أن تداروهما ، وتتلطفوا في الامتناع من شرهما ، وأذاهما لكما وللناس .
فإن كان الهجر سيؤثر فيهما
ويمنعهما مما هما عليه من المنكر ، فلا بأس بهجرهما .
قال شيخ الإسلام :
" وَكُلُّ مَنْ أَظْهَرَ الْكَبَائِرَ فَإِنَّهُ تَسُوغُ عُقُوبَتُهُ بِالْهَجْرِ
وَغَيْرِهِ ، حَتَّى مِمَّنْ فِي هَجْرِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ رَاجِحَةٌ ، فَتَحْصُلُ
الْمَصَالِحُ الشَّرْعِيَّةُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (24 /286) .
وإما إذا كان الأذى يقع
عليكم أنتم خاصة ، فاجتهدوا في تحمل أذى خالتك على قدر استطاعتك ، ومداراتها ، مع
صيانة دينكم منها ومن زوجها .
سئل الشيخ ابن عثيمين :
أعمامي يؤذونني بالكلام عند الناس ماذا أفعل معهم هل أقطع صلتهم ؟
فأجاب رحمه الله تعالى : " لا تقطع صلتهم بل صلهم وكلما كانت الصلة مع قطيعة الجانب
الآخر فإنها أفضل ، فقم بالواجب من صلتهم وكِلْ أمر قطيعتهم إلى الله عز وجل ، وأنت
مأجورٌ إذا آذوك وتكلموا بك عند الناس ، لا تزداد بهذا إلا أجراً وثواباً ، وسوف
تأخذ يوم القيامة من حسناتهم إذا لم تحللهم " انتهى من."فتاوى نور على الدرب" (12/
468) .
وروى مسلم (2556) عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ ) .
والحاصل :
أنه ينبغي لكم أن تصلوا الرحم بقدر ما تستطيعون ، لكن مع توقي ضررهم عليكم ، وأذاهم
لكم ، ولا تسمحوا لهم بفرصة التدخل في حياتكم ، وإفساد ما بينكم وبين الناس ؛ بل
انهوهم عن ذلك ؛ فإما أن يمتنعوا ، وإما أن يدعوكم وشأنكم .
يسر الله لكم أمركم ، ووقاكم شر ما تخافون .
والله تعالى أعلم
تعليق