الحمد لله.
الهرة طاهرة ليست بنجس ؛ لما رواه أبو داود (75) والترمذي (92) والنسائي (68) وابن ماجة (367) عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ : فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ : أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ )
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .
وقال الترمذي عقبه :
" هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ لَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ بَأْسًا " انتهى .
وقال الصنعاني رحمه الله :
" وفي التعليل إشارة إلى أنه تعالى لما جعلها بمنزلة الخادم في كثرة اتصالها بأهل المنزل وملابستها لهم ولما في منزلهم خفف الله تعالى على عباده بجعلها غير نجس رفعاً للحرج . والحديث دليل على طهارة الهرة وسؤرها " انتهى من "سبل السلام" (1 /24)
وعليه : فإذا كان سؤر الهرة طاهرا كان شعرها طاهرا من باب أولى ، وقد قال ابن قدامة رحمه الله :
" كُلُّ حَيَوَانٍ حُكْمُ جِلْدِهِ وَشَعْرِهِ وَعَرَقِهِ وَدَمْعِهِ وَلُعَابِهِ حُكْمُ سُؤْرِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ " انتهى من "المغني" (1/46)
بل الراجح : أن جميع الشعور من الحيوانات المأكولة وغيرها : طاهرة ، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله
" جميع الشعر والريش والوبر والصوف طاهر سواء كان على جلد ما يؤكل لحمه أو جلد ما لا يؤكل لحمه ، وسواء كان على حي أو ميت. هذا أظهر الأقوال للعلماء " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/ 38)
وقال أيضا :
" الشَّعْرُ حَيَاتُهُ مَنْ جِنْسِ حَيَاةِ النَّبَاتِ ؛ لَا مِنْ جِنْسِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ ؛ فَإِنَّهُ يَنْمُو وَيَغْتَذِي وَيَطُولُ كَالزَّرْعِ وَلَيْسَ فِيهِ حِسٌّ وَلَا يَتَحَرَّكُ بِإِرَادَتِهِ فَلَا تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ الْحَيَوَانِيَّةُ حَتَّى يَمُوتَ بِمُفَارَقَتِهَا فَلَا وَجْهَ لِتَنْجِيسِهِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (21 /98)
ومن المعلوم أن الهرة تتحرك كثيرا وتذهب وتجيء ، فلا شك أنه يتساقط من شعرها لكثرة حركتها في البيت واحتكاكها بأثاثه وغيره ، ولا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم احترز أو أمر بالاحتراز من ذلك ، مع قوله ( إنها ليست بنجس ) ، فعلم مما تقدم أن شعر الهرة طاهر ، وأنه لا حرج عليك إذا التصق بملابسك منه شيء ، سواء كنت في الصلاة أو غيرها .
أما قول المعلمة : إن من صلى وعلى ملابسه أكثر من ثلاث شعرات من شعر القطط فإن صلاته لا تُقبل " فهو قول مردود غير مقبول ؛ إذ لا دليل عليه ، وإنما الدليل على خلافه كما تقدم .
ولكن ينبغي أن نلفت النظر إلى أن تربية القطط في البيت قد يؤدي إلى نقل الأمراض والإصابة بها بقدر الله ، فينبغي توخي الحذر في هذا الجانب ومراعاة ما يجب مراعاته تجاهه .
والله تعالى أعلم .
وللاستزادة يراجع جواب السؤال رقم : (22373).
تعليق