الحمد لله.
إن نعمة الهداية من أجلِّ نعم الله تعالى على عبده ، ومن واجب العبد المهتدي أن يكثر من شكر ربِّه على هذه النعمة الجليلة ، ونحن نفرح لتوبة التائبين وهداية المهتدين ، فما حصل من هداية ذلك الرجل من الكفر إلى الإسلام ومن هداية تلك المرأة ورجوعها إلى الإسلام وتركها عيشة الأشقياء مما يفرح قلوبنا ، ونسأل الله تعالى أن يثبتهما على الإسلام وأن يُصلح قلبيهما .
وإذا كان المسلم البعيد يسعد بخبر هداية تلك الأخت ورجوعها لدينها ، فإن المتوقع أن يكون أهلها أكثر الناس سعادة ؛ لما في تركها لدينها وبُعدها عنهم ورضاها بأن تعيش مع كافر أجنبي بالحرام من مشقة بالغة على النفس ، وهو أمر جلل لا تحتمله قلوب وعقول كثيرين ، ولذا فإننا نوصي هذا الأخ أن يتقي الله تعالى في نفسه ، وأن يتمهَّل في قراراته وأن لا يكون سبباً في إيذاء أهله وتفريق أسرته ، بل قد يكون سبباً لما هو أعظم من ذلك ؛ فقد يكون سبباً في فتنة أخته مرة أخرى ، ولا يدري المرء ما يحيكه الشيطان للمهتدين من سبل غوية وضلال .
وبما أنَّ والد تلك الفتاة
قد وافق على تزوج ذلك الرجل المهتدي للإسلام بابنته ، فليس من حق الأخ أن يعترض على
أبيه ويهدد بمقاطعة أخته ، نعم من حقه أن يبدي رأيه ، ومن حقه أن يقلِّب الرأي مع
أهله وأخته ولكن ليس من الضروري أن يرجعوا لرأيه وأن يقبلوا قوله .
وحينئذ نقول : ليس من حق هذا الأخ مقاطعة أخته ؛ لأن تزوجها بذلك الرجل المهتدي ليس
حراماً ؛ فأي معصية ارتكبتها أخته بالموافقة على التزوج بذلك الرجل حتى يكون له
الحق في مقاطعتها ؟! .
ومع قولنا بأن التزوج بذلك الرجل جائز شرعاً ، وأنه لا اعتبار باعتراض الأخ عليه ،
وبأنه ليس من حقه مقاطعة أخته إذا هي قبلت به زوجاً : فإننا نوصي الأب والأخت
بإعادة النظر في موافقتهم على ذلك الرجل ، والسماع للطرف الآخر المخالف ، وتداول
الأمر مع ذوي العقل من المقربين والعارفين بالحال ، مع وجوب الاستيثاق من حال هذا
الخاطب ، وصدق إسلامه قبل أن يأتي لخطبة هذه الأخت ، وأنه راغب في الإسلام حقا .
نسأل الله تعالى أن يهدي
الجميع لما في خير وصلاح الأسرة ، وأن يوفقهم للرأي الصائب ويجمعهم على العمل به .
والله أعلم
تعليق