الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز بيع توقيع المشاهير ؟

176720

تاريخ النشر : 27-04-2012

المشاهدات : 12301

السؤال


هل يجوز بيع توقيع المشاهير؟
كأن تحصل على توقيع من أحد اللاعبين المشهورين مثلاً ، فتقوم ببيعه لأحد محبيه.

الجواب

الحمد لله.


أولا :
شرط الفقهاء لصحة البيع أن يكون المبيع مما ينتفع به ، أما ما لا نفع فيه فلا يصح بيعه ؛ لأنه لا قيمة له حيث لا نفع فيه ، فأخذُ العوض عنه من أكل المال بالباطل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَبَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يَجُوزُ " انتهى "مجموع الفتاوى" (31 /224) .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/174) :
" َلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (29/148) :
" ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ مِنَ الطُّيُورِ كَالْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ وَغَيْرِهِمَا ، لأِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ ... أَمَّا بَيْعُ الطُّيُورِ الَّتِي لاَ تُؤْكَل وَلاَ يُصْطَادُ بِهَا ، كَالرَّخَمَةِ وَالْحِدَأَةِ وَالنَّعَامَةِ وَالْغُرَابِ الَّذِي لاَ يُؤْكَل فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا ، لأِنَّ مَا لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ لاَ قِيمَةَ لَهُ ، فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ أَكْل الْمَال بِالْبَاطِل ، وَبَذْل الْعِوَضِ فِيهِ مِنَ السَّفَهِ " انتهى .
وقال النووي رحمه الله : " قَالَ أَصْحَابُنَا : يَجُوزُ بَيْعُ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَاللُّغَةِ وَالْأَدَبِ وَالشِّعْرِ الْمُبَاحِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ وَكُتُبِ الطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِهِمَا , مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُتُبِ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ بَلْ يَجِبُ إتْلَافُهَا , وَهَكَذَا كُتُبُ التَّنْجِيمِ وَالشَّعْبَذَةِ وَالْفَلْسَفَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُلُومِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ , فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ , لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ " . انتهى من "المجموع" (9/304) .

والمراد بالقيمة المعلقة على المنفعة : القيمة المالية للشيء المبيع .
قال في "كشاف القناع" (3/152) عند ذكر شروط البيع :
" الشَّرْطُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَالًا ؛ لِأَنَّهُ مُقَابَلٌ بِالْمَالِ , إذْ هُوَ [ أي: البيع ] مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ ( وَهُوَ ) أَيْ : الْمَالُ شَرْعًا : ( مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مباحة لِغَيْرِ حَاجَةٍ ، أو ضَرُورَةٍ ) فَخَرَجَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَصْلًا كَالْحَشَرَاتِ ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ , وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِلْحَاجَةِ كَالْكَلْبِ , وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ وَخَمْرٍ لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا " انتهى ، وينظر : "الشرح الممتع" (11 /6) .

فعُلم بذلك أن ما لا منفعة فيه ، وليست له قيمة مالية : لا يجوز بيعه وشراؤه .
ومن ذلك التوقيعات المذكورة ؛ فإنها مما لا منفعة فيها ، وليست لها قيمة مالية ؛ فلا يجوز بيعها وشراؤها .

ثانيا :
من المعلوم أن بيع مثل هذا لا يشتهر عادة إلا في أوساط منحرفة عن أدب الشرع وأحكامه ، كأوساط الفنانين ونجوم الرياضة والإعلام ونحوهم ؛ وهؤلاء مما لا يليق بالمسلم أن يسلك سبيلهم ، أو يتشبه بأعمالهم ، ولو لم يظهر وجه المخالفة الشرعية في أفعالهم الخاصة ، بل المشروع له والأدب في حقه أن يجعل ميله وسمته وتشبه إلى أهل الخير والصلاح والاستقامة ؛ فمن تشبه بقوم فهو منهم .
ثم إن من يشتري مثل هذا ؛ إذا سئل يوم القيامة عن ماله : فيم أنفقه ؟ ماذا عسى أن يكون جوابه في هذا اليوم ؟!
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" من المفاسد إضاعة المال الذي جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم ، وإضاعة المال صرفه فيما لا ينفع فيه أو فيما فيه ضرر " انتهى "فتاوى إسلامية" (4 /497) .

والذي يبيع ذلك بأثمان باهظة ، كما يحصل عادة ؛ إذا سئل يوم القيامة : بأي شيء استحل مال أخيه ، وما الذي باعه ليأكل ماله ؛ فبأي شيء يجيب ؟!

وينظر جواب السؤال رقم (40752) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب