الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يثبتك على دينه ونوصيك بالتفقه في الشرع والعمل بالمستطاع من الطاعات فإن من شأن ذلك أن يعينك على الثبات والدعوة إلى الله .
ثانياً:
أما بخصوص عملك في القيام على ذلك الشخص المصاب بإعاقة في عقله فإنه عمل جائز في
الأصل وفيه بعض الأحكام من المناسب ذِكرها لكِ مختصرة .
1. الأصل في عورة المعوَّق أنه يحرم النظر إليها ويحرم لمسها بدون حائل ، ولذا فيجب
عليك سترها عند التنظيف وعدم النظر إليها ، ويكون تنظيفها من وراء حائل كالقفازات
ولهذه القفازات فائدة إضافية مهمة وهي عدم تلويث اليد بالنجاسة .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
رزق أبي بثلاثة أولاد ذكور معوقين ومصابين بالتخلف العقلي ، وهذا فضل من الله تعالى
يخص به عباده المؤمنين والحمد لله رب العالمين ، هؤلاء الثلاثة هم إخوتي ، وهم طبعا
كما ذكرت لفضيلتكم معوقون عاجزون عن خدمة أنفسهم ، ولذلك تقوم والدتهم بخدمتهم
والقيام على رعايتهم في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ، ولكنهم الآن أصبحوا في سن الرشد ،
ويبلغ أكبرهم 25 سنة ، فهل يجوز لوالدتي القيام بنظافة جسم أخي الأكبر واستحمامه ،
حيث إنه لا يعرف كيف ينظف جسمه ؛ لأنه متخلف عقليا مع ما يعرضها للاطلاع على عورته
، وكذلك بالنسبة لي ؟
فأجابوا : " يجوز لكم تنظيف هؤلاء المعوقين بالتغسيل وغيره ، لكن مع ستر عورتهم
وتنظيفها من وراء حائل من لباس ونحوه ، ومع وضع شيء على اليد من جورب أو لفافة يمنع
تلوثها بالنجاسة ، وعليكم استفراغ وسعكم فيما يحقق العناية بهؤلاء المعوقين ، والله
لا يضيع أجر من أحسن عملاً " . انتهى
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 24 / 425 ، 426 ) .
2. المعاق في عقله الذي لا شهوة له تجاه النساء يدخل في قوله تعالى : ( غَيْرِ
أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ) وهؤلاء تكشف المرأة أمامهم ما تكشفه أمام
محارمها وهو ما يظهر غالباً كالرأس والوجه والذراعين والقدمين .
قال ابن قدامة - رحمه الله - : " ومَن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر أو عُنّةٍ أو
مرض لا يُرجى برؤه والخصيّ ... والمخنث الذي لا شهوة له : فحكمه حكم ذوي المحرم في
النظر ؛ لقوله تعالى ( أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ ) أي : غير
أولي الحاجة إلى النساء ، وقال ابن عباس : هو الذي لا تستحي منه النساء ، وعنه : هو
المخنث الذي لا يكون عنده انتشار - أي مقدرة على الانتصاب - " انتهى من " المغني "
( 7 / 462 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 3 / 8 ) : " وقال المالكية والشافعية والحنابلة - وهو
رأي للحنفية - : حكم غير أولي الإربة حكم المحارم في النظر إلى النساء ، يرون منهن
موضع الزينة ، مثل الشعر ، والذراعين ، وحكمهم في الدخول عليهن مثل المحارم أيضاً ؛
لقوله تعالى : ( أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِن الرِّجَالِ ) "
. انتهى
3. إن احتجتِ في عملك إلى النظر إلى عورته أو مسِّها فيباح لكِ ذلك لأنها حاجة أو
ضرورة كالطبيب إذا احتاج إلى النظر إلى عورة المريض أو مسها .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 14 / 19 ) : " لا خلاف بين الفقهاء في أن النظر إلى
عورة الغير حرام ما عدا نظر الزوجين كل منهما للآخر ، فلا يحل لمن عدا هؤلاء النظر
إلى عورة الآخر ما لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك كنظر الطبيب المعالج ، ومن يلي
خدمة مريض أو مريضة في وضوء أو استنجاء وغيرهما ، وكقابلة ، فإنه يباح لهم النظر
إلى ما تدعو إليه الحاجة من العورة ، وعند الحاجة الداعية إليه ، كضرورة التداوي
والتمريض وغيرهما ، إذ الضرورات تبيح المحظورات ، وتنزَّل الحاجة منزلة الضرورة .
ثم النظر مقيد بقدر الحاجة ؛ لأن ما أبيح للضرورة يقدَّر بقدرها " . انتهى .
4. وفي حال حصل منكِ مسٌّ لذلك الرجل بسبب التنظيف والتطبيب فيفرَّق بين مس العورة
من غير حائل ومس سائر بدنه ، فمس عورته من غير حائل ينقض الوضوء ، وأما مس سائر
بدنه فلا ينقض .
وفي مس عورته قال علماء اللجنة الدائمة : " لمس العورة بدون حائل ينقض الوضوء سواء
كان الملموس صغيراً أو كبيراً ؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ
مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأ ) - رواه النسائي ( 444 ) وابن ماجه ( 481 ) ، وصححه
الألباني في " صحيح النسائي " - وفرْج الممسوس مثل فرْج الماس " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 5 / 265 ) .
وأما مسألة لمس المرأة لبدن الرجل وعدم نقض الوضوء منه فقد بينَّاه بتفصيل في جواب
السؤال رقم ( 76115
) .
5. وفي نهاية المطاف نرى أن تقوم المرأة على خدمة بنات جنسها من النساء ، ونرى أن
يقوم الرجال على خدمة الرجال ، ولذا فإن تيسر لك العمل في خدمة امرأة فهو أفضل بلا
ريب .
والله أعلم
تعليق