الحمد لله.
أولاً:
لا يجوز للمرأة أن تقبل الزواج من رجل شارب للخمر أو المخدرات أو تارك للصلاة ، ولو تقدم بها العمر؛ لأن في ذلك خطورة على حياتها وحياة أولادها، فإن رضيته ، فالواجب على ولي أمرها منعها من الزواج من هذا الرجل؛ لما يترتب عليه من مفاسد في الدين والخلق .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كانت هناك شابة موافقة على الزواج من شابٍ شاربٍ للخمر والعياذ بالله هل يجوز لوالديها أن يمنعاها عن ذلك إذا هي وافقت على ذلك فأرجو لهذا إفادة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا رضيت البنت شخصاً ليس بكفءٍ في دينه، فإنه يجب على ولي أمرها أن يمنعها منه ولا يجوز أن يوافقها؛ لأنه ولي يجب عليه فعل الأصلح وهذا من الحكمة في أن النكاح لا يصح إلا بولي ، لئلا تختار البنت من ليس بكفءٍ لها في دينه ولكنه خدعها حتى وافقت عليه ، وجواب السؤال ينبني على هذه القاعدة ، فإذا رضيت هذه البنت هذا الخاطب الذي يشرب الخمر، فإنه يجب على والدها الذي هو وليها الأول ، أو على وليها الآخر إذا لم يكن لها وليٌ أولى منه : أن يمنعها من التزوج به ؛ لأنه ولي ، وشرب الخمر والعياذ بالله من كبائر الذنوب ؛ لأن الخمر محرمٌ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين ، وهي ـ أعني الخمر ـ أم الخبائث ، وكم من معصية كبيرة ترتبت على شرب الخمر ؛ لهذا نقول إنه يجب على أولياء المرأة إذا اختارت رجلاً معروفاً بشرب الخمر أن يمنعوها من النكاح به" انتهى من فتاوى "نور على الدرب" .
وعليه: فالواجب على المرأة فسخ الخطبة فوراً ، سواء وعدتها بالتقدم لها أم لا، وتسأل الله تعالى من فضله.
ثانياً:
الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه ما لم يأذن أو يترك؛ لما رواه
البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: ( نَهَى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى
بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ
الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ ).
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" بعد أن ذكر جملة من الأحاديث: " هذه الأحاديث
ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه ، وأجمعوا على تحريمها، إذا كان قد صُرح
للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك " انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك
؟
فأجاب: "الحمد لله ، ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يحل
للرجل أن يخطب على خطبة أخيه ) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم ، وغيرهم
من الأئمة على تحريم ذلك .. ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله ،
والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين
" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/7).
فإذا تعين على المرأة فسخ الخطبة ، وفسختها : جاز لك التقدم لها، ولا إثم عليك في
هذه الحال .
بل نص بعض العلماء على جواز الخطبة على خطبة الفاسق
جاء في "مختصر خليل " : " وحرم خطبة راكنة لغير فاسق ".
قال عليش رحمه الله : " جواز خطبة الراكنة لفاسق من عدل ومستور ومنعها من فاسق " .
انتهى من "منح الجليل شرح مختصر خليل"(3/260) .
وقال الزرقاني رحمه الله : " قال ابن القاسم النهي إنما هو في غير الفاسق ، أما
الفاسق فيخطب على خطبته.
قال عياض: لا ينبغي أن يختلف فيه . انتهى. والفرق أنه لا يقر على فسقه بخلاف الذمي
" انتهى من " شرح الزرقاني على موطأ مالك " (3/162) .
فمن كان صالحا ، مستقيم الحال : جاز له الخطبة على خطبة الفاسق ، كمتعاطي المخدرات
ونحوه .
وننبه على أنه لا يجوز
للمسلم أن يقيم علاقة مع النساء خارج دائرة الحياة الزوجية ؛ لما في تلك العلاقة من
مفاسد وشرور لا تخفى على عاقل ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (21933)(
47405)(
59907).
والله أعلم
تعليق