الحمد لله.
أولاً:
لا يمكن تخيل حياة زوجية دون مشكلات فيها ، وهذه أشرف بيوت على وجه الأرض وهي بيوت الأنبياء ، فهل كان العيش فيها خاليا من كل منغص ، أو اختلاف بين الزوجين ؟!
فإن شئت ذكَّرناك ببيت أبينا إبراهيم عليه السلام وخلافه مع والده ، أو بيت نوح وخلافه فيه مع زوجته وابنه ، أو بيت لوط عليه السلام وخلافه فيه مع زوجته .
وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد اعتزل نساءه شهراً كاملاً ، في المسجد ! .
فلا تخلو بيوت المسلمين من هذه المشكلات ، وهي تقل بحسب رجحان عقل الزوج ، وقوة شخصيته ، وحكمته في معالجة الأمور ، وتكثر بحسب تهور الزوج ، وشدته ، وغلظته .
ولا يوجد زوجة تطابق ما في مخيلة زوجها من صفات
الكمال البشرية ، وهكذا الحال في الزوج ، فلينظر في نفسه ، وما بها من عيب ونقصان ،
والسعيد من عدت غلطاته .
فعلى الزوج العاقل تحمل ذلك إن أراد أن تستقيم حياته ، ولن يكون استمتاع بينه
وبينها إلا على عوَج ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانياً:
قبل أن تقرر الطلاق : نرجو منك التأمل سريعاً في هذه النقاط :
1. قد تكون أنت السبب في أخطاء زوجتك ، إما بسوء خلقك في تعاملك معها ، أو بمعاصٍ
ترتكبها ، ويكون ما يصدر منها عقوبة لك عليها ، فقف على السبب ، وأصلح حالك مع ربك
تعالى بالطاعة ، ومع زوجتك بنصيحتها ، وبتعليمها حقوق الزوج عليها ، وسترى أثر ذلك
قريباً إن شاء الله .
2. في كثيرٍ من الأحيان يصبر الزوج العاقل على تصرفات زوجته من أجل أولاده ، فهو لا
يريد لهم التشتت والضياع ، ويريد لهم التوفيق والرشاد ، وهذا لا يكون – البتة – في
الطلاق ، فيصبر على زوجته رجاء أن يكون بقاؤه في بيت الزوجية سبب إصلاح لأولئك
الأولاد .
3. وقبل أن تطلِّق عليك التفكير في آثار هذا الطلاق ، ومن تلك الآثار :
أ. قلة أو انعدام فرص تزوج امرأتك من آخر ، بسبب أنها مطلقة ، وأنها ذات أولاد ،
ولا يخفاك ما يمكن أن يترتب على هذا الأمر .
ب. تشتت الأولاد ، وضياعهم ، فطاقتهم البدنية ستضيع في التنقل بيت بين أمهم وبيت
أبيهم ، وطاقتهم الذهنية ستضيع في التفكير في حال والديهم ، وطاقتهم العاطفية ستجف
أو تخف بسبب فقدانهم لحنان الأم المحلى بقوة شخصية الأب .
وقد أحسنتَ جدّاً في جعل هذا الأمر مما يثنيك عن الطلاق ، والحقيقة أنهم سبب مهم ،
وأن وجود مثل هؤلاء الأولاد في المجتمعات إنما هو نذير شرٍّ ، فلا تهدم بناءك ،
وتشتت أولادك بأمرٍ يمكنك المبادرة بإصلاحه دون هدمه .
إننا نوافقك كل الموافقة على أن التفكير في مصير أولادك ، ومسئوليتك عنهم أمام الله
عز وجل ، بل ومصير هذه الزوجة ، أم أولادك ، جدير بأن يردك عن التفكير في الطلاق .
والوصية لك : أن تصارح زوجتك ، وتنصحها بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتصبر عليها حتى
تكون مثل ما تريد – إن شاء الله - .
وهب أنك قد فعلت كل ما في وسعك ، ولم تشعر بعلاج مشكلتك ، فبإمكانك أن تتزوج امرأة
أخرى ، إن كان وضعك المادي يعينك على ذلك ؛ وأما الطلاق : فلا !!
يسر الله لك أمرك ، وشرح صدرك ، وأصلح لك شأنك وزوجك .
والله أعلم .
تعليق