الحمد لله.
أولا :
قولك لمحدّثك : " علي الطلاق إنك ما تقفل الخط " هذا من الحلف بالطلاق ، ويرجع فيه إلى نيتك ، هل أردت حثه على الكلام ومنعه من قطع الاتصال ، أو أردت الطلاق ، فإن شككت في نيتك ، رجعنا إلى الأصل ، والأصل أن هذا الحلف يمين ، فتلزمك كفارة يمين .
بل هذا النوع من الحلف يجعله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يمينا محضا .
قال رحمه الله : " واعلم أن تعليق الطلاق بالشروط ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول : أن يكون شرطا محضا فيقع به الطلاق بكل حال.
الثاني : أن يكون يمينا محضا فلا يقع به الطلاق، وفيه كفارة يمين.
الثالث : أن يكون محتملا الشرط المحض واليمين المحض، فهذا يرجع فيه إلى نية المعلق.
وهذا هو الصحيح في هذه المسألة وهو الذي تقتضيه الأدلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أما المذهب فإنهم يجعلون تعليق الطلاق بالشروط تعليقا محضا بدون تفصيل.
مثال التعليق المحض أن يقول: إذا غربت الشمس فأنت طالق، فإذا غربت طلقت؛ لأنه علقه على شرط محض.
ومثال اليمين المحض: أن يقول: إن كلمتُ زيدا فامرأتي طالق، وهو يقصد الامتناع من تكليم زيد، فهذا يمين محض؛ لأنه لا علاقة بين كلامه زيدا وتطليقه امرأته.
مثال ما كان محتملا للأمرين: أن يقول لزوجته: إن خرجت من البيت فأنت طالق، فيحتمل أنه أراد الشرط، بمعنى أن امرأته إذا خرجت طابت نفسه منها، ووقع عليها طلاقه ، وحينئذ يكون مريدا للطلاق ؛ فإذا خرجت من البيت طلقت ، فكأنه يقول: إذا خرجت من البيت أصبحت امرأة غير مرغوب فيك عندي ، فأنا أكرهك ، فحينئذ يقع الطلاق ؛ لأنه شرط محض .
الاحتمال الثاني : أن لا يكون قصده إيقاع الطلاق ، بل هو راغب في زوجته ولو خرجت ، ولا يريد طلاقها ، لكنه أراد بهذا أن يمنعها من الخروج ، فعلقه على طلاقها تهديدا ، فإذا خرجت في هذه الحال فإنها لا تطلق ؛ لأن هذا يراد به اليمين ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) ، وجعل الله عز وجل التحريم يمينا؛ لأن المحرم يريد المنع أو الامتناع من الشيء ، فدل هذا على أن ما قصد به الامتناع وإن لم يكن بصيغة القسم فإن حكمه حكم اليمين " انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 125).
ثانيا :
قولك لزوجتك : " علي الطلاق إن شغلتيها راح اطلقك " هو من الطلاق المعلق على شرط ، فيرجع فيه إلى نيتك كما سبق في كلام الشيخ ابن عثيمين في القِسم الثالث ، فإن نويت منعها فقط ، فلم تمتنع فعليك كفارة يمين ، وإن أردت طلاقها ، وتكون نفسك قد طابت منها لمخالفتك ، فتقع عليها طلقة في حال المخالفة .
وإن شككت في نيتك ، رجعنا للأصل ، وهو هنا الطلاق .
ويلزم التأكد من الصيغة ، ففرق بين قول الإنسان : لو فعلت كذا راح أطلقك ، وبين قوله : إن فعلت كذا طلقت ، أو فأنت طالق ، فإن الأول يراد به التهديد في المستقبل ، وقد تعصيه الزوجة ، ثم يرجع عن تهديده فلا يطلقها .
وإذا كنت قد سألت شيخا معروفا بالعلم ، فأفتاك بأن عليك كفارة يمين ، فتمسك بقوله ، لا سيما أن سؤالك له كان مع قرب الحادثة وتذكرك لكلماتك .
والنصيحة أن تمسك لسانك عن استعمال ألفاظ الطلاق ، مع زوجتك ، وغيرها ، ليسلم لك بيتك ، وأن تعالج مشاكلك بالحكمة والتؤدة .
والله أعلم .
تعليق