الحمد لله.
أولا :
لا شك أن الرؤيا الصالحة مما يستبشر به المؤمن في الدنيا ؛ لأنها تكون من الله تعالى .
وقد روى البخاري (6988) ومسلم (2263) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ) .
وروى مسلم (479) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ) .
ثانيا :
لا بدَّ لمن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أن يراه على صورته الحقيقية المعروفة في كتب السير والشمائل ، وليس مجرد ما يقع في النفس في الرؤيا من كون المرئي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كافيا في إثبات الرؤية الشريفة حتى يراه الرائي على وصفه وصورته التي كان عليها في الدنيا – صلى الله عليه وسلم .
راجع إجابة السؤال رقم (14052) .
ثالثا :
ليس من شرط الصلاح أن يرى المسلم النبي صلى الله عليه وسلم أو الجنة في منامه ؛ لأن
شرط الصلاح هو طاعة الله وتقواه والعمل بما يحب ويرضى سبحانه .
وقد روى البخاري (7280) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى ؟
قَالَ : ( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليست شرطاً للصلاح ، فقد يراه المسلم ، وقد لا يراه
- عليه الصلاة والسلام -، وقد يراه ثم لا يوفق ولا يهتدي بعد ذلك ، - نسأل الله
العافية -. فالمهم إتباع شريعته ، وتعظيم أمره ونهيه ، وإن لم تره في النوم ، فكم
من مؤمن تقي من الصحابة وغير الصحابة لم يره - عليه الصلاة والسلام - في النوم ،
فالحاصل أن رؤيته في النوم ليست دليلاً على أنك تقي أو على أنك شقي ، وإنما المعيار
إتباع شريعته - عليه الصلاة والسلام - والاستقامة على دينه ، هذا هو الدليل على
صلاحك أو عدمه ، إن استقمت على دينه وتابعت شريعته فأنت ولي الله ، وأنت من أحباب
رسول الله ، ومن أحباب الله -عز وجل - ، وإذا ضيعت أمره ونهيه ، ولم تستقم على
شريعته ، ولم تؤمن به - عليه الصلاة والسلام - فأنت عدوه وعدو الله - عز وجل "
انتهى من موقع الشيخ .
http://www.binbaz.org.sa/mat/17954
رابعا :
اجتهادك باتباع الشرع الحنيف هو المطلوب منك ، والواجب عليك ؛ فاستمسك به ، ولا
يضرك أنك لم تر رؤية منامية من تلك الرؤى الصالحة ، وليس معنى أن ترى تلك الفتاة
بعض الرؤى ولا ترى أنت ، أنها أفضل منك عند الله وأحب إليه منك ، هذا قول غير صحيح
، بل قد يرى المفضول في منامه من الرؤى الصالحة ما لا يراه الفاضل ؛ إذ التفاضل
الحق كما قدمنا بالعمل الصالح الذي يتنافس به المتنافسون ، والذي به تكون مقاماتهم
عند ربهم ، لا ما يراه المرء في نومه من الرؤى والأحلام .
ولا يلزم أن يكون السبب في عدم حصول هذه الرؤى هو تقصيرك في أداء النوافل ، فلا
تجعل الرؤى وعدمها مقياسا لشيء من الهدى أو الضلال ، أو الطاعة أو المعصية ؛ بل
اجعل مدار ذلك كله على متابعة شرع الله ، والتزام سنة نبيك في نفسك ، قولا وعملا .
وينظر إجابة السؤال رقم (43176)
.
والله أعلم .
تعليق