الحمد لله.
نهي الله تعالى ورسوله عن إضاعة المال وإتلافه بالإسراف أو التبذير ، والإسراف هو تجاوز حد الاعتدال في الإنفاق ، والتبذير هو الإنفاق في غير حق .
والواجب في الإنفاق هو التوسط والاعتدال ؛ قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) الفرقان/67 .
وهذا التوسط والاعتدال لا ينضبط بحد معين إذا تجاوزه المرء يكون مسرفا ، أو قصر عنه يصير بخيلا ؛ بل يختلف باختلاف حال الشخص من اليسار والفقر ، وكذا باختلاف الزمان والمكان .
يراجع جواب السؤال رقم : (137954) .
وهذا الاعتدال مشروع في كل شيء ، سواء كان في نفقة أو كسوة أو مركب أو بناء أو غير ذلك .
وتغليف واجهة البيت بالمرمر
ونحوه يختلف حكمه باختلاف أحوال الناس في الغنى والفقر :
فمن كان منهم غنيا موسعا عليه في الدنيا ، بحيث لا يعد ذلك منه ومن أمثاله إسرافا ،
أو تجاوزا لنفقة مثله ، لم يحرم عليه ذلك ، بل هو مباح له .
وأما من كان متوسط الحال ، أو دون ذلك ، فإن ذلك يعد في حقه إسرافا ، وبخلاف الفقير المحتاج إذا تكلف مثل ذلك ، كان سفيها ، ينبغي منعه من التصرف في ماله .
والغني المقتدر قد يحتاج إلى فسحة في النفقة لا يحتاجها من دونه ؛ لئلا تستشرف نفوس أبنائه وتتطلع إلى ما عند ذويهم من أهل اليسار ، وغير ذلك من المقاصد ؛ إذ ليس من الحكمة أن نحتم على الغني واسع الغني أن يبني بيتا كما يبنيه الفقير أو متوسط الحال ، أو يسكن في منزل متواضع ، في حي من الأحياء الشعبية ، أو ينفق نفقة لا يتعداها وإلا عُدّ مسرفا ؛ فإن الله عز وجل جعل الناس بعضهم فوق بعض درجات ، ووسع على هذا وقدر على هذا رزقه ، وامتحن بعضهم ببعض ، وامتحن كلا منهم بما هو عليه من الحال : فمن أعطاه فشكر ولم يبطر زاده من فضله ، ومن قدر عليه رزقه فصبر ، فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب .
والأصل العام في مثل ذلك ،
قول الله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا
مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الطلاق/7 .
مع ضبط ذلك بقوله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ
مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (101903)
.
والله أعلم .
تعليق