الحمد لله.
أولا :
توزيع المنشورات والمطويات الدعوية من أعمال البر والدعوة إلى الله ، وينتفع بها كثير من الناس ، وخاصة من غير المسلمين ، وهي وسيلة لنشر دين الله ، وإقامة الحجة على الناس ، وتبليغهم رسالات ربهم ، ولكن ينبغي أن يكون هذا العمل وفق أصول ووسائل مدروسة ، يتحقق من خلالها المقصود بصورة مرضية لا مخالفة فيها لأحكام الشريعة .
ثانيا :
المطويات والمنشورات الدعوية التي تحتوي على آيات قرآنية ليس لها حكم المصحف ، ومن مسها لا يقال إنه مس المصحف ؛ لأن القرآن فيها مخلوط بغيره فحكمها حكم كتب الفقه والتفسير ونحوها ، يجوز للكافر والمحدث أن يمسها .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" فَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي كَتَبَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يعني إلى هرقل - فَإِنَّمَا قَصَدَ بِهَا الْمُرَاسَلَةَ ، وَالْآيَةُ فِي الرِّسَالَةِ أَوْ كِتَابِ فِقْهٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا تَمْنَعُ مَسَّهُ ، وَلَا يَصِيرُ الْكِتَابُ بِهَا مُصْحَفًا " انتهى من "المغني" (1/ 109) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ذهب بعض أهل العلم إلى جواز أن يمس الكافر المصحف إذا رجي إسلامه ، واحتجوا على هذا بأنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم قوله- جل وعلا- : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) الآية ، قالوا : هذه الآية العظيمة آية من كتاب الله وقد كتبها إلى هرقل ، والصواب أنه ليس بحجة ، وإنما يدل على جواز الكتابة للآية والآيتين من كتاب الله. أما تسليم المصحف فليس بثابت عنه صلى الله عليه وسلم " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (24 /340-341).
ثالثا :
إذا كانت هذه الكتب أو المطويات مترجمة إلى لغة أخرى ، غير العربية ، فالأمر فيها أسهل ، ولا حرج أن يمس الكافر ترجمة معاني القرآن الكريم بلغة أخرى سوى العربية ، ولو كانت ترجمة لسوره كلها ؛ لأن الترجمة تفسير لمعاني القرآن ، وليس لها حكم القرآن ، ولا يمنع الكافر من مس كتب التفسير وكتب العلم الشرعي ، إلا إذا كان على وجه الامتهان لها .
وينظر جواب السؤال رقم (119323) .
والحاصل :
أنه لا مانع من نشر هذه المطويات والرسائل الدعوية ، ولو احتوت بعضا من آيات القرآن الكريم ، أو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا حرج من تمكين الكافر من مسها وقراءتها ؛ لما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة ، من تعريفه دين الله وإقامة الحجة عليه بالتبليغ ، فمصلحة تبليغه رجاء إسلامه مقدمة على مفسدة تمكينه منها ، والمنع من طبع هذه الكتب والرسائل الموجهة لغير المسلمين يفوت خيرا عظيما ، ويضيق سبل الدعوة إلى الله بين الكفار.
أما إلقاء هذه المطويات في صناديق القمامة فلا يجوز شرعا ، ولكن ذلك إنما يحرم على من باشر الفعل نفسه ، أما من قام بطبع هذه المطويات ونشرِها والإنفاقِ عليها فله عمله ، وليس عليه من عمل غيره شيء .
وينظر جواب السؤال رقم (39376) .
وإذا أمكن أن يكتب فيها تنبيه على عدم إلقائها في مكان ممتهن ، أو وضعها في مكان معين يليق بها ، لكان حسنا .
وينظر أيضا جواب السؤال رقم (96646) ، ورقم (100228) .
والله أعلم .
تعليق