السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

لم يرد حديث نبوي يجعل سهولة الحمل علامة على رحمة الله الخاصة

191975

تاريخ النشر : 07-04-2013

المشاهدات : 6834

السؤال


أنا حبلى في شهري الثامن ، يعاملني زوجي بود ومحبة بفضل الله ، وقد قرأت أحاديث تنص أن الزوجة إذا أسعدت زوجها أثناء حملها فسيكون لها أجر عظيم ،
فهل هذا صحيح ؟
وقد قرأت أيضا أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : ( ثلاث تبين مزيد رحمة الله بالمرأة : خطبتها ، ورعايتها ، وسهولة حملها ) فهل هذا صحيح ؟
أنا لا أنام كثيرا ، ولا أستريح كذلك بسبب أني مريضة بالسكر ، ولذلك أتناول حقن الإنسولين وأعاني من مزيد من آلام بالساقين ، ونزول الكدرة البيضاء ، التي بسببها أعيد الوضوء بعد كل فريضة ، وأصبحت الآن متعبة جدا ، وقررت أن أمتنع عن الإنجاب ثانية ، فهل هذا يعني أنني سأكون امرأة سيئة ، وسأطرد من رحمة الله ؟

الجواب

الحمد لله.


لم نجد في السنة النبوية أو الآثار عن الصحابة والتابعين ما يدل على أن سهولة الحمل وخفته من علامات رحمة الله تعالى الخاصة بالمرأة ، فذلك من أمور الغيب التي يجب الوقوف فيها عند النصوص والآثار ، وعدم نسبة شيء منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى نتثبت منه ونتأكد من صحته ، فالله عز وجل يقول : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36.
ثم إن رحمة الله تعالى قد تكون في العافية ، كما قد تكون في الابتلاء ، وذلك في علم الله عز وجل وحكمته ، فعن مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ ، لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ ، أَوْ فِي مَالِهِ ، أَوْ فِي وَلَدِهِ ) رواه أبوداود في " السنن " برقم : (3090) وصححه الألباني ، فهذا الحديث يدل على أنه قد يكون ابتلاء المرأة بصعوبة الحمل ومشقته علامة على رحمة الله تعالى بالمرأة ، وما لها عند الله من أجر ومنزلة عظيمة ، خاصة إذا تذكرنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أيضا حين قال : ( مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ) .
رواه البخاري (5640) ، ومسلم (2572) .
وبهذا يظهر أن من أراد نيل رحمة الله تعالى فليصبر عند المصيبة ، وليشكر عند النعمة ، فهو حينئذ على خير عظيم ، ولا ينشغل بالتفكير في مراد الله تعالى بمصابه ، فذلك من الغيب الذي لا يطلع عليه ، ولكن بالشكر والصبر يستجلب رحمة الله ورضوانه .
يقول سفيان الثوري رحمه الله :
" ليس بفقيه من لم يعدّ البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة " انتهى من " حلية الأولياء " (7/ 55)
وقال بعض السلف :
" ارض عن الله في جميع ما يفعله بك ، فإنه ما منعك إلا ليعطيك ، ولا ابتلاك إلا ليعافيك ، ولا أمرضك إلا ليشفيك ، ولا أماتك إلا ليحييك ، فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين ، فتسقط من عينه " انتهى من " مدارج السالكين " (2/ 216) .
وأما إذا كان هناك عارض من المرض يمنعك من الإنجاب ثانية : فلا دلالة لذلك على أن تكوني امرأة سيئة ، أو تطردي من رحمة الله ، معاذ الله ، بل هو عذر معتبر في مثل ذلك ، وما جعل الله على عباده في الدين من حرج ؛ لكننا أيضا نرى أن المشقة والمكابدة التي أنت فيها الآن ، ليست ظرفا مناسبا لاتخاذ قرار كذلك ؛ فكم من النساء من فكرن في مثل ما تفكرين به الآن ، حتى إذا يسر الله لها أمر ولادتها ، واستراحت فترة من الزمان من ذلك العناء : عاودها الحنين إلى الحمل والولادة ، وتربية الصغار ؛ فلعلك إذا يسر الله لك أمر وضعك على خير - إن شاء الله - ، واسترحت فترة من ذلك ، أن يعينك الله على حمل جديد ، فهذا الآن قرار سابق لأوانه .
وللمزيد يمكن مراجعة الفتوى رقم : (161204) ، (150171) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب