الأحد 3 ربيع الآخر 1446 - 6 اكتوبر 2024
العربية

تطاير الماء على الملابس والبدن من الوعاء الذي ولغ فيه الكلب

السؤال

عندى صديق يضع فى المحل إناء عباره عن جردل لكى يشرب منه الكلب ، وذات مره بعد ما شرب الكلب اهتز هذا الإناء وخرجت منه الماء ، وخشيت أن تكون لمست ملابسي أو جسمي لأن بها لعاب الكلب الذي شرب منها . فماذا أفعل لو لمست هذه المياه ملابسي أو جسمى ، هل أغسل مكان ما أصابه سبع مرات ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
اختلف العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في نجاسة الكلب على عدة أقوال:
جاء في " الموسوعة الفقهية “(40/79): " اختلف الفقهاء في الكلب من حيث الطهارة والنجاسة.
فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الكلب نجس العين.
وذهب الحنفية إلى أن الكلب ليس بنجس العين ، ولكن سؤره ورطوباته نجسة .
وذهب المالكية إلى أن الكلب طاهر العين ، لقولهم: الأصل في الأشياء الطهارة ، فكل حي ولو كلباً طاهر، وكذا عرقه ودمعه ومخاطه ولعابه.
وقالوا أيضاً: اختلف الفقهاء في نجاسة الإناء إذا ولغ فيه الكلب ، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن ولوغ الكلب في الإناء ينجسه .
وذهب المالكية وبعض الحنفية إلى أن ولوغ الكلب لا ينجس الإناء " انتهى.
ونسب ابن عبد البر - رحمه الله تعالى - نجاسة الكلب إلى جمهور العلماء من الصحابة والتابعين:
قال رحمه الله : " اختلف العلماء في العمل بظاهر هذا الحديث [ ولوغ الكلب كما يأتي ] واختلفوا في معناه أيضاً على ما نذكره بعون الله ، فأما أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء المسلمين فإنهم يقولون إن الإناء يغسل من ولوغ الكلب سبع مرات بالماء " .
انتهى من "التمهيد"(18/269).
وقال أيضاً رحمه الله : " واختلف الفقهاء أيضاً في سؤر الكلب وما ولغ فيه من الماء والطعام فجملة ما ذهب إليه مالك واستقر عليه مذهبه عند أصحابه أن سؤر الكلب طاهر ويغسل الإناء من ولوغه سبعا تعبداً استحباباً أيضاً لا إيجاباً ..
وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والليث بن سعد سؤر الكلب نجس ولم يحدوا الغسل منه.
قالوا إنما عليه أن يغسله حتى يغلب على ظنه أن النجاسة قد زالت وسواء واحد أو أكثر.
وقال الأوزاعي سؤر الكلب في الإناء نجس وفي المستنقع ليس بنجس قال ويغسل الثوب من لعابه ويغسل ما أصاب لحم الصيد من لعابه.
وقال الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، والطبري : سؤر الكلب نجس ويغسل الإناء منه سبعاً أولاهن بالتراب وهو قول أكثر أهل الظاهر.
وقال داود : سؤر الكلب طاهر وغسل الإناء منه سبعاً فرض إذا ولغ في الإناء وسواء كان في الإناء ماء أو غير ماء هو طاهر ويغسل منه الإناء سبعاً ويتوضأ بالماء الذي ولغ فيه ويؤكل غير ذلك من الطعام والشراب الذي ولغ فيه .
قال أبو عمر: من ذهب إلى أن الكلب ليس بنجس فسؤره عنده طاهر وغسل الإناء من ولوغه سبع مرات هو عنده تعبد في غسل الطاهر خصوصاً لا يتعدى ومن ذهب إلى أن الكلب نجس وسؤره نجس ممن قال أيضاً إن الإناء من ولوغه يغسل سبعاً قال التعبد إنما وقع في عدد الغسلات من بين سائر النجاسات.
قال الشافعي ، وأصحابه : الكلب والخنزير نجسان حيين وميتين وليس في حي نجاسة سواهما قال وجميع أعضاء الكلب مقيسة على لسانه..." انتهى من "التمهيد"(18/269).
والصحيح من أقوال العلماء ـ رحمهم الله ـ نجاسة جميع أجزاء الكلب لعابه وشعره..؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ ) رواه مسلم.
قال الخطابي رحمه الله: " في هذا الحديث من الفقه أن الكلب نجس الذات ولولا نجاسته لم يكن لأمره بتطهير الإناء من ولوغه معنى ، والطهور يقع في الأصل إما لرفع حدث أو لإزالة نجس والإناء لا يلحقه حكم الحدث فعلم أنه قصد به إزالة النجس وإذا ثبت أن لسانه الذي يتناول به الماء نجس يجب تطهير الإناء منه علم أن سائر أجزائه وأبعاضه في النجاسة بمثابة لسانه فبأي جزء من أجزاء بدنه ماسه وجب تطهيره وفيه البيان الواضح أنه لا يطهره أقل من عدد السبع وأن تعفيره بالتراب واجب .
وإذا كان معلوماً أن التراب أنمّا ضم إلى الماء استظهارا في التطهير وتوكيدا له لغلظ نجاسة الكلب فقد عقل أن الأشنان وما أشبهه من الأشياء التي فيها قوة الجلاء والتطهير بمنزلة التراب في الجواز. " انتهى من "معالم السنن" (1/39).
وقال الصنعاني رحمه الله: " دل الحديث على أحكام:
أولها: نجاسة فم الكلب من حيث الأمر بالغسل لما ولغ فيه ، والإراقة للماء ، وقوله : طهور إناء أحدكم ؛ فإنه لا غسل إلا من حدث أو نجس ، وليس هنا حدث فتعين النجس ، والإراقة إضاعة مال ، فلو كان الماء طاهراً لما أمر بإضاعته ؛ إذ قد نهى عن إضاعة المال ، وهو ظاهر في نجاسة فمه ، وألحق به سائر بدنه قياساً عليه ، وذلك لأنه إذا ثبت نجاسة لعابه ، ولعابه جزء من فمه؛ إذ هو عرق فمه، ففمه نجس؛ إذ العرق جزء متحلب من البدن فكذلك بقية بدنه.." انتهى من"سبل السلام"(1/22) .
وبناء عليه : متى أدخل الكلب لسانه أو رجله أو عضو من أعضاءه في الماء نجس الماء ولزم من ذلك إراقة الماء وغسل الإناء.
ثالثاً:
إذا تطاير الماء الذي ولغ فيه الكلب على الملابس والبدن وتيقنت أو غلب على ظنك وصوله إلى البدن أو الثياب وجب غسل موضع النجاسة سبع مرات إحداهن بالتراب أو ما يقوم مقامه من المطهرات كالصابون ؛ لأن التراب قد يضر ، أما إذا لم يغلب على ظنك وصول الماء إلى ملابسك أو بدنك فلا شيء عليك ؛ لأن الأصل الطهارة والنجاسة مشكوك فيها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وأما اللحس فيخرج فيه من الكلب ريق ، وإذا أصاب ريق الكلب ثياباً أو شبهها فإنها تغسل سبع مرات ، ولا نقول: إحداها بالتراب؛ لأنه ربما يضر، لكن نقول : يستعمل عن التراب صابوناً أو شبهه من المزيل ويكفي مع الغسلات السبع " .
انتهى من لقاء الباب المفتوح لقاء رقم (49).
تنبيه: لا يجوز اقتناء الكلب ، إلا لحاجة كالحراسة والصيد ، ومن اقتنى الكلب لغير ذلك : أثم ، ونقص من أجره كل يوم قيراط ، أو قيراطان من الحسنات . وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (69777) ، و (69840) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب