الحمد لله.
أولاً :
لقد آلمتنا معاناتك وأحزننا ألمك ، فنسأل الله أن يفرج كربك وهمك ، ويبدلك فرجاً وراحة وسروراً من عنده إنه هو البر الرحيم.
واعلمي يا أمة الله أنه مهما بلغ بك الألم والأذى ، فهناك من عانى أكثر مما عانيت ، وتألم أكثر مما تألمت ، وقاتل وقتل ، وأوذي لكن صبر! فتلك حكمة الله تعالى ، التي يراها المؤمن فيما يقدره الله تعالى عليه : أن يبتلي عباده بالسراء والضراء : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء/35 .
ثانياً :
ينبغي أن تعلمي أن الإحسان إلى الوالدين واجب حتى ولو مع فسقهما وكفرهما، بل حتى لو ألحا على ولدهما ليكفر ، يجب عليه أن يثبت على الإيمان ، ومع ذلك: يحسن إليهما .
قال تعالى : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لقمان/15 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء رضي الله عنها وقد جاءت إليها أمها تزورها وهي كافرة لحاجة فقال لها : ( صلي أمَّك ) كما رواه البخاري ( 2477 ) ومسلم ( 1003 ) .
ثالثاً :
إذا كانت زيارة والديك ستكون سبباً في أن يصيبك منهما ضرر وأذية مستمرة ، ويحصل بسببها تدخل في حياتك، أو تكدير لما بينك وبين زوجك ، أو تفريق بينكما : فلا حرج عليك أن تمتنعي عن زيارتهم بالكلية ، ولو لفترة ما ، حتى تنقطع الأذية عنك ويمكن أن تكتفي بالوسائل الأخرى للصلة ، ومن ذلك الاتصال الهاتفي ونحوه .
وإذا أمكن أن تجعلي سكنك أنت وزوجك في بلد آخر ، بعيدا عنهم ، فهو أحسن ؛ ثم إذا تبين لك صلاح حالهم ، وانتهاؤهم عن أذاك والإضرار بك ، فواصليهم ؛ وإن بقوا على حالهم : فلا حرج عليك في الابتعاد عنهم .
وليس هناك حد لذلك الأمر ؛ بل متى غلب على ظنك أن أذاهم قد انقطع ، وتغيرت معاملتهم معك : فعودي إلى زيارتهم وصلتهم بما يمكنك.
وأكثري من دعاء الله عز وجل أن يلين قلوبهم ويصلح أحوالهم ، نسأل الله أن يجبر كسرك، ويصلح لك بالك ، ويهدي والديك .
والله أعلم .
تعليق