السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم الدعاء بدعاء تحصين النفس المخترع ، وإرساله للناس .

194803

تاريخ النشر : 07-05-2013

المشاهدات : 241862

السؤال


”اللهم إني أعوذ بك من ساعة السوء ، ويوم السوء ، وليلة السوء ، وصديق السوء ، وجار السوء وأعوذ بك من ذي الوجهين ، وذي اللسانين ، وأعوذ بك من إبليس ، وذريته ، وشياطينه ، وأعوذ بك من الحديد ، والحريق ، والطريق ، وساعة الغفلة ، ربنا عليك توكلت ، وأنت رب العرش العظيم ، اللهم إني حصنت نفسي ، وأهل بيتي جميعا بالحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، ودفعت عني وعنهم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اللهم إني أعوذ بك من بكاء يرهقني ، وهمّ يفجعني ، اللهم اجبر خاطري ، واشرح لي صدري ، أستغفرك ربي من گل الذُنوب والخطايا ، ربي لا تكسر لي قلباً ، ولا تصعب علي أمراً ، ولا تحرمني من تعلقت به الروح ، واحفظ لي عائلتَي وأحبتي ومن أراد الخير لي . . ومرسل هذه الرسالة ، خذ دقيقة من وقتك فقط وقل : _(سبحان الله)_ _(والحمد لله)_ _(ولا إله إلا الله)_ _(والله أكبر)_ _(سبحان الله وبحمده)_ _(سبحان الله العظيم)_ ثم أرسل الرسالة لمن تحب كن سببا” في تذكير الكثيرين بذكر الله .
فما حكم هذا الدعاء؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
سبق في جواب السؤال رقم : (153274) التحذير من الأدعية المخترعة ، التي تروج بين الناس ، فيتركون بها الدعاء الشرعي الثابت في الكتاب والسنة ، ويلتزمون ذلك ، ولا شك أن مثل هذا من الخطأ الواضح ، ومن الغبن .
قال القرطبي رحمه الله :
" فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ، ويدع ما سواه ، ولا يقول : أختار كذا ؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه ، وعلمهم كيف يدعون " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (4 /231) .

ثانيا:
الدعاء المذكور : بعض جمله مما ورد في السنة ، وهو قوله : " اللهم إني أعوذ بك من ساعة السوء ويوم السوء وليلة السوء وصديق السوء وجار السوء " ؛ فقد روى الطبراني في "المعجم الكبير" (810) عن عقبة بن عامر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة )
قال الهيثمي :
" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير بشر بن ثابت البزار وهو ثقة " .
"مجمع الزوائد" (10 /212)
وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1299) .

وروى أبو داود (1552) والنسائي (5531) عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَدْمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ التَّرَدِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ وَالْهَرَمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا ) .
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

رابعا :
التعوذ بالله من إبليس وجنده ، ومن ذي الوجهين وذي اللسانين ، ومن ساعة الغفلة ، وسؤال الله انشراح الصدر وتيسير الأمر والحفظ في النفس والأهل والأحبة ، ونحو ذلك مما ورد في الدعاء : لا حرج فيه من حيث الأصل ، إنما الحرج في تتبع ذلك وصياغته صياغة معينة ، وترتيبه وتعاهده في الدعاء ، ودعوة الناس إلى العمل به ونشره وإرساله إلى من يحبونهم ، ونحو ذلك مما يتكلفه الناس في هذه الأدعية المبتكرة المخترعة الملفقة ، وقد يدخل في جملة هذه الأدعية كثير من الألفاظ أو المعاني المخترعة المبتدعة .

ما جاء في هذا الدعاء من الاستعاذة من الحديد ومن الطريق ، هكذا بإطلاق ، لا نعرف له أصلا ، بل لا نعرف له وجها إلا بالتكلف وقد نهينا عن التكلف .

سادسا :
قوله : " اللهم إني حصنت نفسي وأهل بيتي جميعا بالحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم " لا يعرف مثل هذا في السنة ، ولا يقال : حصنت نفسي بالله ، إنما يقال : حصنت نفسي باللجوء إلى الله ، أو بذكر الله ، ونحو ذلك .
وكذلك فإن قوله " دفعت عني وعنهم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله " فلعله أخذه واستفاده مما رواه العقيلي في " الضعفاء " (1/225) وابن عساكر في تاريخه (9/211) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يلتقي الخضر وإلياس عليهما السلام في كل عام في الموسم ، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ، ويفترقان عن هؤلاء الكلمات : " بسم الله ما شاء الله ، لا يسوق الخير الا الله ، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ، ما شاء الله ، ما كان من نعمة فمن الله ؛ ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله " . من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات أمنه الله من الغرق والحرق ، والسَّرَقِ ، وأحسبه قال : ومن الشيطان والسلطان والحية والعقرب ) وهذا حديث باطل ، أورده الشيخ الألباني في الضعيفة (6251) وقال : " موضوع ".

سابعا :
تذكير الناس بذكر الله بالتسبيح والتحميد والتهليل ونحو ذلك لا حرج فيه ، بل هو مستحب مندوب إليه ، ولكن دون أن يكون على هذا الوجه من التنسيق الذي ابتلي به الناس عبر رسائل الانترنت ، كأن يحدد عددا معينا من التسبيح أو التحميد ، أو زمنا معينا ، أو يلزم المرسل إليه بذلك إلزاما ، ويتوعده إن لم يفعل ما يأمره به ، إلى غير ذلك من هذا العدوان على شريعة الله ، ولكن له أن يذكره به مطلقا فيقول : لا تنس ذكر الله ، حافظ على أذكار الصباح والمساء ، ونحو ذلك .
فينبغي الحذر من سبل البدعة وتوقي ذلك ، ولا يكون ذلك إلا بالتزام السنة ، وموافقة السلف ، دون مخالفتهم أو الخروج عن سبيلهم ؛ لأن الخروج عن سبيل السلف وطريقتهم خروج عن صراط الله ، وقد قال الله عز وجل : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام/ 153 ، وقال تعالى في وصف الصراط : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) الفاتحة/ 7 .
راجع جواب السؤال رقم : (95218) .

وحاصل ذلك كله :
أننا لا نرى الانشغال بمثل هذا الدعاء المذكور ، ولا نشره في الناس ، أو الدعوة إليه ؛ فإن كنت لا بد فاعلا ، فأمامك من الأذكار والأدعية الشرعية ، ما هو أعظم بركة ، وأرجى لك في الأجر إن دعوت الناس إليه ، ودللتهم عليه .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (98780) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب