الحمد لله.
صلاة الجمعة واجبة على الأعيان ؛ لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )الجمعة / 9 , ولما رواه مسلم (652) وأحمد (3816) أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : ( لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ).
وعليه : فإن هذا العامل مكلف بترك عمله إذا نودي للصلاة ، والذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة , هذا إذا كان المسجد قريبا منه بحيث يسمع الأذان .
أما إذا كان العامل خارج البلدة ، وكان بعيدا عن المسجد بحيث لا يسمع النداء لولا مكبر الصوت , فإن الجمعة لا تجب عليه , وعليه حينئذ أن يصليها ظهرا .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض العمال الذين لا يأذن لهم كفلاؤهم بصلاة الجمعة ، بحجة أنهم حراس في المزرعة ؟
فأجاب رحمه الله :
" إذا كان هؤلاء العمال بعيدين عن المسجد ، بحيث لا يسمعون النداء لولا مكبر الصوت ، وهم خارج البلد : فإن الجمعة لا تلزمهم ، ويطمئن العمال بأنه لا إثم عليهم في البقاء في المزرعة ، ويصلون ظهرا ، ويشار على كفيلهم أن يأذن لهم ، لأن ذلك خيرٌ له وخيرٌ لهم ، وتطييبا لقلوبهم وربما يكون ذلك سببا في نصحهم إذا قاموا بالعمل ، بخلاف ما إذا ضغط عليهم " .
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (16 / 77).
فإن كان العامل قريبا من المسجد بحيث تجب عليه الجمعة , ولكنه يخشى إن ترك محطة الوقود أن تتعرض للسرقة أو نحوها من المخاطر , فهنا يجوز له التخلف عن الجمعة .
وقد سبق بيان ذلك ونقل كلام علماء اللجنة الدائمة عليه في الفتوى رقم : (36530).
فإذا كان العامل معذورا في ترك الجمعة ، وبقي في المحطة : فلا يجوز له حينئذ أن يبيع الوقود لمن وجبت عليه الجمعة ، ابتداء من وقت الأذان الثاني ، وحتى انتهاء الصلاة ؛ لأن ذلك محرم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الجمعة/9 .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " إن البيع بعد نداء الجمعة الثاني : حرام ، وباطل أيضاً ، وعليه : فلا يترتب عليه آثار البيع ، فلا يجوز للمشتري التصرف في المبيع ؛ لأنه لم يملكه ، ولا للبائع أن يتصرف في الثمن المعين ؛ لأنه لم يملكه ، وهذه مسألة خطيرة ؛ لأن بعض الناس ربما يتبايعون بعد نداء الجمعة الثاني ، ثم يأخذونه على أنه ملك لهم" .
انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (8/190 ، 191) .
أما أن يبيع لمن لم تجب عليه الجمعة ، كالمرأة والمسافر ونحوهما , فهذا جائز كما بيناه في الفتوى رقم: (140550).
ولكن ما دام صاحب المحطة يطلب منه عدم البيع وقت صلاة الجمعة : فعليه أن يلتزم بكلامه ، ويمتنع عن البيع , لأن صاحب المحطة هو صاحب المال , وواجبٌ على العمال أن يلتزموا بتعليماته فيما لا يخالف شرع الله ، إلا أن يكون مسافر ، أو معذور بترك الجمعة ، ويتضرر بالانتظار ، وعدم بيع الوقود في هذا الوقت : فنرجو ألا يكون عليه حرج لو باع له حاجته في هذا الوقت ، إذا لم يكن هناك محطة أخرى قريبة ، يمكنه شراء حاجته منها .
ومع ذلك فينبغي عليه أن يتفاهم مع صاحب المحطة ، ويستأذنه في مثل تلك الأحوال .
والله أعلم.
تعليق