الحمد لله.
أولا :
لا شك أنك مررت بفترة عصيبة من فترات حياتك ، قد تمكن الشيطان من أن يتلاعب بك فيها كل التلاعب ، حتى أوقعك في أعظم الذنب كله : الكفر بالله ، بعدما كنت مؤمنا ، ثم الزنا والفجور .
ولقد بقي الشيطان يريد أن يتلاعب بك ، ليقول لك : إن بعد هذا الذنب كله ، لا يصلح لك أن تدعو إلى الله ، أو أن تفعل كذا أو كذا من أفعال الإيمان !!
وهذه حيلة الشيطان اللعين ، أن يستدرج العبد ليوقعه في الذنب ، ثم يتسلط عليه ، ليمنعه التوبة ، فإذا قدر أنه عصاه وتاب ، ظل يذكره بذنبه الماضي ، لا ليندم عليه ، أو يعمل عملا صالحا بعده ، بل ليصده عن دين الله ، ويمنعه من الخيرات ، بحجة أن صاحب ذلك الذنب ، لا يليق به مثل هذا العمل الصالح ، الذي لا يليق إلا بالأطهار ، الأبرار ؟!
فإذا علمت ذلك ، وانتبهت إليه : كان واجبك الأول ، وقبل كل شيء : أن تصحح توبتك إلى الله جل جلاله ؛ فتتوب أولا من كفرك وردتك السابقة ، وتعلم أي باب من أبواب الشر والجحيم وغضب الله ، أوقعك فيه الشيطان ، لولا أن تداركك الله برحمته ، وردك إلى دينه .
ولتعلم أن من تمام التوبة النصوح ، وأماراتها : أن تحرص على الطاعات ، وتجنب نفسك سبل المنكرات ، خاصة تلك التي تبت منها ، وأقلعت عنها ؛ فإقامتك الصلاة ومداومتك على تلاوة القرآن ، وقيامك بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله ، والندم على ما فات : كل ذلك من علامات الاستقامة ، وسبلها ، وأمارات صدق التوبة ، فالزم ذلك ولا تتخل عنه ، واحذر أن يصدك الشيطان عن شيء من ذلك كله ، لأجل ذنب وقعت فيه فيما مضى ، أو لأجل ظن كاذب ، يلقيه في نفسك .
وانظر جواب السؤال رقم : (175916) .
ولتجتهد فيما أنت منشغل به ، من الدعوة إلى الله تعالى ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، سواء في مسكنك أو في مقر عملك ، وحيثما وجدت الفرصة سانحة لذلك .
ولا شك أنك قد جربت نفسك حال هذه الملاجئ ، ورأيت ما فيها من أسباب الفتنة ، وعوامل الانحراف ، فإن استطعت أن تتركها إلى مسكن آخر بعيد عنها فافعل ، ثم ائتها بين الحين والآخر للدعوة ونصح الناس ، إذا لم تخش الفتنة على نفسك ؛ فإن خفت على نفسك الفتنة في مكان ، أو في مقام ، فقدم دفع الفتنة عن نفسك ، على دعوة غيرك ووعظه .
ثانيا :
إذا كنت قد صدقت في توبتك إلى الله ، فليس عليك من أمر هذه الفتاة شيء ، إلا أن تدعوها إلى التوبة ، مع الاحتياط لنفسك ، والحذر من العودة إلى الفتنة ، ولو كانت دعوتها بواسطة غيرك من النساء ، فهو أحسن وأبرأ للذمة .
وأما عن أمر الإجهاض ، فكل ما عليك أن تعرفها بالحكم الشرعي في المنع منه ، وتحريمه ، وخوفها من إثم قتل الجنين ، من غير ذنب منه ، ولا حق لها هي في ذلك ، فإن أجابت لذلك ، وامتنعت منه ، وأعنتها على التوبة النصوح : فهو حسن ، إن شاء الله .
فإن حفظت هي ولدها ، ولم تجهضه ، ولم يكن لها مال ، ولم يكن لها عائل ينفق عليها : فأحسنت إليها ، وإلى ولدها بما تقدر عليه من النفقة والإعانة : فهو أمر حسن ، وقد كتب الله الإحسان على كل شيء ، وفي كل ذات كبد رطبة أجر .
وإن عصت ، فلم تجبك إلى الطاعة ، فاحذر أنت من فتنتها ، وإياك أن تجيبها أنت إلى المعصية .
وراجع للفائدة إلى جواب السؤال رقم : (11195) ، ورقم : (147435) ، ورقم : (117) .
وليكن نجاتك من ذنبك كله ؛ بالتوبة مما فات ، والجد والعزم على إصلاح ما هو آت : هو همك كله في عيشك ، ويومك ، وغدك ، واجتهد في تحصين نفسك بطردها عن أماكن الفتنة والمعصية ، وأعنها على العفة بالزواج ، ما استطعت إلى ذلك سبيلا .
والله أعلم .
تعليق