الحمد لله.
الصورتان المذكورتان في السؤال ، ليس فيهما ربا ولا محذور شرعي .
فالصورة الأولى : إذا حصل الشراء للكتب ، ودفع الطالب قيمة الكتب ، ثم بعد انقضاء السنة الدراسية ، باع تلك الكتب ، ولو بسعر أقل ، فالبيع صحيح ، وليس في المسألة ربا ولا حيلة على الربا ، مادام أن الطالب قد اشترى الكتاب نقدا من المكتبة لحاجته ، أو أتم سداد ثمنه ، قبل بيعه على المكتبة ؛ ثم باعه بعد استعماله ، وانقضاء حاجته ، ولم يشتره بالتقسيط ، ليبيعه نقدا بعد ذلك ؛ فالفرق بين السعرين : سعر البيع وسعر الشراء ، إنما هو لأجل ما نقص من قيمة الكتاب باستعماله ، وليس لأجل التفاوت بين البيع بثمن آجل ، والشراء بثمن عاجل ، كما هو الحال في بيع العينة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله – شارحاً لكتاب زاد المستقنع - :
" قوله : ( أو بعد قبض ثمنه ) أي : لو اشتراه بعد قبض ثمنه بأقل ، فلا بأس ، وكذلك
لو اشتراه بأكثر أو بمساوٍ .
مثاله : باع السيارة بعشرين ألفاً إلى سنة ، ولما تمت السنة قبض عشرين ألفاً ، ثم
اشتراها من المشتري بخمسة عشر ألفاً ، فهذا جائز ؛ لأن الحيلة منتفية هنا ، فإذا
اشتراها بأقل مما باعها به بعد قبض الثمن ، فلا بأس .
قوله : ( أو بعد تغير صفته ) .
مثاله : أن أبيع عليه بقرة سمينة بمائة درهم إلى ستة أشهر ، وبعد مضي ثلاثة أشهر
هزلت البقرة ، فأصبحت لا تساوي إلا نصف القيمة ، فاشتراها البائع بنصف قيمتها ، أي
: بأقل مما باع نقدا ، يقول المؤلف : لا بأس بذلك ؛ لأن النقص هنا ليس في مقابل
الأجل ، ولكن في مقابل تغير الصفة .
لكن ينبغي أن يقيد هذا بما كان الفرق بين الثمنين ، هو ما نقصت به العين بسبب
التغير ، لا من أجل التأجيل والنقد ، فلا بد أن يكون نقص الثمن بمقدار نقص الصفة .
فمثلا : إذا قدرنا هذه البقرة هزلت ، وصارت بعد أن كانت تساوي مائتين إلى أجل ، لو
بعناها الآن لكانت تساوي مائة وثمانين ، فاشتراها بهذا السعر ، فهذا جائز ؛ لأن
النقص مقابل نقص الصفة ، لكن لو كانت لم تنقص إلا عشرين باعتبار الصفة ، وهو
اشتراها بمائة وستين ، وفرق العشرين هذه من أجل الفرق بين التأجيل وبين النقد :
فهذا حرام ؛ لأن الفرق الذي حصل الآن بين الثمنين ، من أجل تغير الصفة ، ومن أجل
التأجيل ، فلذلك كان حراما ؛ لأن هذه هي مسألة العينة ، فصار لا بد من هذا القيد .
مثال آخر : باع السيارة بعشرين ألفا إلى سنة ، وبعد مضي ثلاثة أشهر اشتراها بثمانية
عشر ألفا ، والسيارة الآن تغيرت فصار فيها صدمات ومشت مسافة أكثر ، فنقول : إذا كان
نقص الألفين بمقدار نقص الصفة ، فهذا جائز ، ولكن إن كان أقل ونقص من أجل النقد ،
فهذا لا يجوز " " انتهى من " الشرح الممتع " (8/217) .
وكذلك الحال في الصورة
الثانية : فاستئجار الكتب معاملة مباحة ، لا حرج فيها ؛ فهي أجرة مقابل منفعة
القراءة والإطلاع .
قال ابن قدامه رحمه الله : "
أما سائر الكتب الجائز بيعها , فتجوز إجارتها .... ؛ لأنه انتفاع مباح يُحتاج إليه
, فجازت إجارته كسائر المنافع " .
انتهى مختصرا بتصرف يسير من " المغني " (5/323) . .
وقال الشيخ البهوتي رحمه
الله : " ويصح استئجار كتاب للقراءة فيه ، والنظر فيه ، أي : مراجعة المسائل ... ;
لأن نفعه مباح مقصود ، يُستَوفَى مع بقاء الكتاب ، إلا المصحف , فلا تصح إجارته ،
وإن صححنا بيعه ؛ تعظيما له " انتهى من " كشاف القناع " (3/562) .
والله أعلم .
تعليق