الحمد لله.
نحمد الله تعالى أن بصرك بخطر ما أقدمت عليه ، وقررته في نفسك من التحول إلى دين آخر ، سوى دين الإسلام ، ومنَّ عليك فتداركت أمرك ، قبل فوات الأوان .
ونحب إن ننبهك هنا على أمرين :
الأول :
أن ما وقع منك من "العزم" على الكفر ، وما قررته في نفسك من التحول إلى المسيحية : هو ردة عن دين الإسلام ، ولو لم تدخل الكنيسة فعلا ، أو تعمل عملا آخر من أعمال الملة النصرانية ؛ فالعزم على الكفر : كفر بالله تعالى بمجرده ، ومثله : تردد الشخص : هل يتحول إلى ملة أخرى ، أو يبقى على ملة الإسلام .
قال الإمام النووي رحمه الله : " وَالْعَزْمُ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كُفْرٌ فِي الْحَالِ ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي أَنَّهُ يَكْفُرُ أَمْ لَا، فَهُوَ كُفْرٌ فِي الْحَالِ ، وَكَذَا التَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ " انتهى من " روضة الطالبين" (10/65) ، ونحوه في : " نهاية المحتاج " ، وغيره . وينظر أيضا : " مجمع الأنهر" ، من كتب الأحناف (1/688) .
وفي "حاشية البجيرمي على الخطيب" : "(بِنِيَّةِ) هِيَ الْعَزْمُ عَلَى الْكُفْرِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ ، بِأَنْ نَوَى أَنْ يَكْفُرَ فِي الْحَالِ ، أَوْ أَنْ يَكْفُرَ فِي غَدٍ : فَيَكْفُرُ حَالًا ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ إسْلَامٍ شَرْطٌ ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ كَفَرَ حَالًّا. "
وفي "حاشية الجمل" (5/122) فرّق بين : العزم على الكفر ، والعزم على فعل المُكفر : " (بِنِيَّةِ) هِيَ الْعَزْمُ عَلَى الْكُفْرِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ ، بِأَنْ نَوَى أَنْ يَكْفُرَ فِي الْحَالِ أَوْ أَنْ يَكْفُرَ فِي غَدٍ فَيَكْفُرُ حَالًا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ إسْلَامٍ شَرْطٌ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ كَفَرَ حَالًّا" .
الثاني :
أنه ليس من شروط توبتك : أن تعلن ذلك في المسجد ، أو المركز الإسلامي ، لا سيما وأن قرار ذلك كان في نفسك ، ولم يترتب عليه إشاعة كفر أو فساد بين المسلمين ؛ وحينئذ : فيكفيك أن تتوب إلى ربك عز وجل توبة نصوحا ، وتنطق بالشهادتين ، وتلتزم دين الله تعالى في أمرك كله ، وتكفر بما سواه من الأديان .
ولو اغتسلت قبل ذلك ، لكان حسنا ، إن شاء الله .
ونوصيك بطلب العلم والإقبال على الطاعة ؛ فإن من شأن ذلك أن يزيد في إيمانك ويقويه ، ولتحرص على الدعاء : فإنه سلاح المؤمن ، يدفع الله به عنك الشر ، ويحفظك بذكره من كيد عدوك وعدوه .
والله أعلم .
تعليق