الحمد لله.
أولا :
روى الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/293) ، وفي " المعجم الصغير " (2/114) عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثٌ هُنَّ حَقٌّ : لَا يَجْعَلُ اللَّهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ ، وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهَ عَبْدٌ فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ ، وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا حُشِرَ مَعَهُمْ ) .
قال المنذري : إسناده جيد . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترغيب والترهيب " (3/96) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (174951) .
أما حديث جابر رضي الله عنه
، المشار إليه في السؤال ، فقد رواه ابن عدي في "الكامل" (1/ 492) من طريق
إِسْمَاعِيل بْن يَحْيى، عَنِ سُفْيَانَ الثَّوْريّ، عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ مُحَمد
بْنِ عَقِيل، عَنْ جَابِرٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مِنَ أَحَبَّ قَوْمًا عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، حُشِرَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَتِهِمْ فَحُوسِبَ بِحِسَابِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ
أَعْمَالَهُمْ ) .
وهذا إسناد موضوع ، إسماعيل بن يحيى قال ابن عدي : " يحدث عن الثقات بالبواطيل " .
انتهى من "الكامل" (1/ 491)
وكذبه الدارقطني وغيره ، انظر : "الضعيفة" (4536) .
ويغني عنه ما رواه البخاري (6169) ، ومسلم (2641) عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) .
وروى مسلم (722) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " أَوْصَانِي حَبِيبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ : ( بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَصَلَاةِ الضُّحَى ، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ ) .
ثانيا :
لا يجوز للمسلم أن يقول : " أحب جميع الناس " ؛ لأن من أوثق عرى الإيمان الحب في
الله والبغض في الله ، والمسلم يحب المسلمين ويواليهم ، ويبغض الكافرين ويجاهدهم
ويعاديهم ، قال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ
أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) المجادلة/22 .
راجع إجابة السؤال رقم : (47322)
، والسؤال رقم : (72208)
.
وصواب العبارة أن يقال : "
أحب الخير لجميع الناس " ، فمن كان منهم كافرا ، فأفضل الخير له : هو الإيمان ،
ومحبة الإيمان لجميع الكافرين : أمر مشروع محمود .
ثالثا :
مما يقوي العلاقة بين المسلمين ، ويربط بينهم برباط الوئام والألفة ، أن يصرح
المسلم لأخيه المسلم بمحبته له ، ويتقرب بذلك إلى الله ؛ ففي الحديث الصحيح عنه
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ
فَلْيُعْلِمْهُ أَنَّهُ يحبّه ) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (542) وصححه
الألباني .
انظر إجابة السؤال رقم : (111977)
.
لكن المحبة التي توجب
لصاحبها أن يحشر مع من يحبه : فهي المحبة التي تقتضي تعظيم ما هو عليه من الدين
والخلق والعمل والحال ، أو الرضا به ، ومن شأنها أن تحمل صاحبها على متابعة صاحبه ،
والتشبه به ، والأخذ بعمله ، ودينه ، وخلقه .
سواء كان ذلك في جانب الخير المرضي ، أو الشر المسخوط المرذول .
ومن قال لصاحب له : " كيف
حالك يا حبيبي " ونحو ذلك على سبيل المؤانسة والمباسطة فلا حرج عليه ، ولا يلزم
بمجرد تصريحه له بذلك أن يكون معه يوم القيامة ، بل ربما أحبه على أمر من الدنيا ،
محبة طبيعية ، كمحبته للقريب منه ، أو لمن كان من بلده ، أو محبة من أحسن إليه ، أو
أعانه على أمر من الدنيا ، ولا يوجب شيء من ذلك كله أن يحشر معه يوم القيامة .
راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (174951)
.
وينظر أيضا للاستزادة : جواب
السؤال رقم : (114926)
.
والله أعلم .
تعليق