الحمد لله.
أختنا الفاضلة
بداية ، نشكر لك ثقتك بالموقع ونسأل الله أن يوفقنا لمساعدتك .
قرأنا رسالتك وأعدنا قراءتها ، فلم نجد سوى حيرة غير مبررة أمام شاب قد جمع من المواصفات ما يجعل أية فتاة مكانك تقبل من غير تردد : دين وخلق وأدب ووسامة ومن أسرة معروفة حيث إنه ابن خالتك ... ويا ليتك في المقابل أشرت إلى نقطة واحدة مقنعة تكون الفيصل لمساعدتك في اتخاذك قرارك النهائي في فسخ الخطبة ، وهذا ما لم يحصل في رسالتك ، بل كان كل دافعك في الرفض مبينا في عبارتك : " ولكنني وبكل صدق لا أميل له كثيرا , بل دائما ما يخالجني شعور قوي بأنني لا أحبه وأنني سأقابل شخصا آخر"
نعم ، هناك قدر من الحيرة الطبيعية التي تصيب الإنسان عادة ، عند اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة ، لكنك وأنت تؤكدين من جهة على خلوه من الصفات التي تزهد فيه بنات جنسك ، ومن جهة على تحليه بما يرغب فيه ، ومع ذلك فأنت زاهدة لا لسبب إلا لأنك ربما ستقابلين شخصا آخر ؛ فما الذي تنتظرينه في الشخص الآخر ، وليس في هذا الذي بين يديك؟ ما المواصفات التي تطمع فيها الأنثى في فارس أحلامها ، وليس في هذا ؟ وما أدراك أن هذا الرجل الآخر الذي ستقابلينه- إن قدر الله لك مقابلته- سيكون بمواصفات خطيبك أو حتى بجزء منها ؟ ما الذي يجعلك متأكدة من أنك ستقابلين رجلا آخر تميلين إليه ، ويميل إليك ويكرمك ، ولا تُمضين عمرك حسرة على فرصة قد ضيعتها يوما من بين يديك ، من أجل انتظار المجهول ، الذي لا تعلمين كنهه ، ولا زمانه ، ولا مكانه !!
ما أغربك أيها الإنسان ، تتعلق بالمفقود ، وتتمسك بالجنون ، ويأسرك المجهول ، وتريد أن تجعل الحقيقة وليدة وهم .
لا نراك ، أيتها الفاضلة ، إلا مستكثرة للسعادة على نفسك ، متناسية أن الميول العاطفي والعاطفة الجياشة تأتي مع العشرة الطيبة ، وتمليها المواقف الحياتية ، ضاربة عرض الحائط ، من غير قصد ، بالأدب الشرعي : أن تحرصي على صاحب الدين والخلق ، فكيف إذا كان من أصلك الذي تعرفينه ؟!
إن حالة التقلب بين الرفض والقبول وبين الطمأنينة وعدم الرغبة ، هي حالة طبيعية تصيب كل الفتيات في سنك الصغيرة وهن مقبلات على الزواج ، فأمامهن حياة جديدة يكتنفها الغموض وتسبح في المجهول .
عالم لا تعرفين عنه شيئا ورجل دخيل على حياتك التي قضيتها بين والديك هانئة مطمئنة ، فإذا بك أمام الاختيار واتخاذ القرار، لكنها كانت ستبقى عادية وطبيعية لولا أنك قرنتها بإحساسك بأنك ستقابلين شخصا آخر .
أختنا الكريمة ،
إنما نحن هنا لمساعدتك على فهم موقفك ؛ أما اتخاذ القرار النهائي : فيرجع لك وحدك ، وليس لأحد أن يقرر عوضا عنك ، فننصحك بأن تجلسي مع نفسك جلسة صفاء تجردين فيها كل الصفات الإيجابية لخطيبك ، وكل الصفات السلبية التي لم تذكريها هنا ، وأن ترجحي بينهما .
وإنا لنرجو من الله : أنك متى استعذت بالله من وساوسك ، واخترتيه لدينه وخلقه ، كما أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم ، وكتبه الله لك ؛ أن يجعل الله لك فيه خيرا كثيرا ، وأن يبارك لك فيه .
وإن بدا لك – بعد طول تأمل لما أنت فيه ، وبعد كل ما قيل لك – أنك غير قادرة على المواصلة : فالقرار بعدم المسير ، يكون من الآن ، وليس بعد ذلك ، من الآن : قبل أن تتعقد الأمور ، قبل أن يكون هناك زواج ، لا ينتظر نجاحه ، أو يكون هناك أولاد ، عرضة للضياع .
ثم لا تـنتظري من أحد أن يأخذ القرار بدلا منك ؛ ولا تتركي نفسك للهموم ، والقلق ، والكآبة ، بل تحلي بالشجاعة الكافية ، لاتخاذ قرار أنت تقتنعين به ، وتتحملين نتائجه ، واستعيني بالله في شأنك كله ، واستلهميه الهدى والرشاد ، واسألي الله في كل سجود أن يختار لك فإنك لا تحسنين الاختيار ، وأن يرضيك بقضائه سبحانه .
وينظر للفائدة جواب الأسئلة : رقم : (5202) ، ورقم : (12182) ، ورقم : (85056) .
وفقك الله لما فيه خيري الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
تعليق