الحمد لله.
لا نعرف لهذا الذي ذُكر في السؤال أصلا : من كون النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من معراجه وجد ملاءة السرير دافئة ، ووجد الإناء الذي قلبه قبل معراجه لا يزال يقطر ماء ، ووجد سلسلة الباب لا تزال تتذبذب ، ومثل هذا الكلام لا تجوز حكايته لما فيه من التكلف السمج الظاهر .
ولا نعرف أحدا ذكر أنه كان لسرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاءة ، وإطلاق اسم الملاءة على فَرش السرير إطلاق محدث ، والملاءة في لغة العرب هي الملحفة أو الإزار . انظر : "لسان العرب" (1/160) ، و"النهاية" (4/352).
قال الشيخ الشقيري ، رحمه الله :
" وَمَسْأَلَة ذَهَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجوعه لَيْلَة الْإِسْرَاء وَلم يبرد فرَاشه ، لم تثبت ، بل هِيَ أكذوبة من أكاذيب النَّاس " انتهى من "السنن والمبتدعات" (143) .
كما لا يعرف أنه كان لباب بيت النبي صلى الله عليه وسلم سلسلة يغلق بها ، وقد كانت عامة البيوت أول الأمر لا أبواب لها ، قال عبد الرحمن بن زيد في قوله تعالى : ( وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ) ... إلى قوله : ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) قال : إنما كان هذا في الأوّل ، لم يكن لهم أبواب ، وكانت الستور مرخاة " . انتهى من " تفسير الطبري" (19/ 221).
ومما يدل على بطلان هذا الكلام أيضا ما رواه البخاري (3342) ، ومسلم (163) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو ذَرٍّ ، يُحَدِّثُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفَرَجَ صَدْرِي ، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ... ) فذكر الحديث .
فهذا يدل على أنه عرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء مباشرة ، عن طريق فرجة في السقف لا عن طريق الباب .
وراجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (84314) ، والسؤال رقم : (124812) .
والله أعلم .
تعليق