الحمد لله.
أولا :
إذا مات المورّث : فإن أمواله تنتقل بموته للورثة مباشرة ، ولا يجوز لأحدٍ من الورثة أو غيرهم أن يعطِّل قسمة الميراث ، فإن اتفق الورثة على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها فلا حرج في ذلك ، فإن رغب واحد منهم في حصته فيجب أن يعطى له نصيبه من الميراث ، سواء كان بالنقد ، أو بالبيع ، أو بالإيجار ، أو بالمصافاة .
ينظر جواب السؤال رقم : (97842) ، ورقم (183030) .
وإذا استحقت المرأة المعاش دون الورثة صار ما تقبضه منه : ملكا لها خالصا ، لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه أو في جزء منه إلا بإذنها ، ومعرفة ذلك يكون بموجب قوانين مصلحة المعاشات .
راجع جواب السؤال رقم : (147802)
.
ثانيا :
بحسب البيانات المذكورة في السؤال : فإن المبلغ الذي تعرضه الوالدة على أختكم : ليس
وافيا بحقها في تركة الوالد ، فإن التركة تقسم بينكم جميعا : للوالدة ثمن ميراث
الوالد ، لوجود الفرع الوارث ، ثم يقسم باقي التركة بينكم جميعا : للذكر مثل حظ
الأنثيين ، بما في ذلك أختكم التي توفيت أمها .
ويدخل في الورثة المستحقين
للمال : الأخوان اللذان لا يعقلان ؛ فإن نصيبهما من الميراث يجب قسمته ، وإخراجه عن
بقية الأنصباء ، ثم لا يمكنان منه ، ما داما على حالهما من السفه وعدم الرشد ، بل
يحجر عليهما ، ويتولى النظر فيهما : الوصي الشرعي .
وينظر جواب السؤال رقم : (133560)
.
ويدخل في ذلك : جميع ما تركه
الوالد من أموال وحقوق .
ويدخل فيه أيضا : أجرة البيوت المؤجرة ، وجميع المداخيل المترتبة على مال الوالد ،
وتركته ، منذ أن توفي .
ويدخل في ذلك : ثمن المنزل الذي تسكنونه ؛ فإما أن يباع ، ويعطى كل ذي حقه حقه ، أو
يقوم : وتعطى أختكم التي لا تنتفع منه بشيء : حقها ، ثم يكون أمر المنزل : إليك أنت
وباقي إخوتك ووالدتك .
وإما أن تتفقوا جميعا ، بما في ذلك أختكم ، على إبقاء المنزل ، على ما هو عليه ، مع
تقدير أجرة ما تسكنون فيه وتنتفعون به ، بحسب أجرة المثل في بلدكم ، وتقسم الأجرة
على جميع الورثة ، بحسب نصيبهم في الميراث الشرعي ، ثم تعطى أختكم نصيبها من هذه
الأجرة ، مع نصيبها في باقي الأجزاء المؤجرة من المنزل.
والحاصل :
أنه يجب تمكين أختكم من نصيبها في الميراث ، بحسب القسمة الشرعية ، ولا يحل لكم
منعها من شيء منه ، أو حبسه عنها ، أو مساومتها على حقها بأقل مما هو في واقع الأمر
، وعدم تمكينها من نصيبها كاملا ؛ فإنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه .
فإذا تمكنت من أخذ حقها ، وعرفته ، وتنازلت لكم عن شيء منه ، بطيب نفس منها : فلا
حرج عليكم ، ولا عليها في ذلك ؛ فالحق لها ، ولها أن تأخذه كله ، أو تدعه كله ، أو
تأخذ بعضا ، وتدع بعضا .
وليس لكم مخرج من الإثم في شيء من ذلك إلا بتسليم الحق لصاحبه ، أو تمكينه من أخذه
كاملا ، ثم يأخذ أو يدع ، فهذا له هو ، وتستحلونه مما فات ، أو عجزتم عنه .
وينبغي أن يتوسط في حل مثل ذلك : بعض الناصحين ، من ذوي الحكمة والأمانة والديانة ،
لئلا يخرج الأمر بينكم إلى حد النزاع والخصام ؛ وقد قال الله تعالى ، مرغبا عباده
على التعافي عن بعض الحقوق : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا
تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )
البقرة/237 ؛ وإذا كان هذا الأمر فيما بين الأصهار والأزواج من الحقوق ، فكيف يكون
الحال بين الإخوة ، والأرحام ؛ لا شك أن العفو ، والفضل بينهم أوكد ، ورعايته أولى
، والأجر والحسبة فيه أعظم .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (193159)
.
والله تعالى أعلم .
تعليق