السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

المأموم يسر بتكبيرات الانتقال ولا يجهر بها

204511

تاريخ النشر : 06-09-2014

المشاهدات : 71905

السؤال


روى البخاري حديثا عن النبي صلي الله عليه وسلم يقول فيه : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) يعني أنه ينبغي أن نصلي بالطريقة التي كان النبي صلي الله عليه وسلم يصلي بها. وسؤالي هو : هل وردت كيفية الصلاة خلف الإمام ، بداية من التكبير حتى التسليم . لو كانت الإجابة بنعم ، فهل من الممكن أن تذكر لي الدليل على أن الإمام يكبر بصوت مرتفع بينما يكبر المأموم سرا ؟ من فضلك برهن على جوابك بالأحاديث .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
صفة صلاة المأموم هي صفة صلاة الإمام ، لا فرق بينهما إلا في أمور يسيرة معدودة ، وكلاهما ( الإمام والمأموم ) يشمله حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري (631) .
ثانيا :
من أهم الفوارق بين صلاتي الإمام والمأموم أن الإمام يجهر بالتكبير ، وأما المأموم فيسر ولا يجهر ، وقد دل على هذا بعض الأحاديث النبوية ، مع إجماع العلماء ، وعمل المسلمين في مساجدهم في جميع البلاد .
فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ ، فَإِذَا كَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ لِيُسْمِعَنَا " رواه مسلم (413) ، وكان ذلك في مرض الرسول صلى الله عليه وسلم فكان صوته ضعيفا لا يسمعه المصلون ، فكان أبو بكر يبلغ الناس تكبير النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كان المقتدون به عليه الصلاة والسلام يرفعون أصواتهم بالتكبير لما احتاج أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يرفع صوته وحده كي يُسمِع الصحابةَ مِن خلفه .
وأيضا : قد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المصلي أن يجهر بقراءته إذا كان ذلك سيشوش على مصلِّ آخر ، فقال : ( أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ ، فَلْيَعْلَمْ أَحَدُكُمْ مَا يُنَاجِي رَبَّهُ ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ ) رواه أحمد في " المسند " (8/523) بسند صحيح .
وجهر المأموم بالتكبير يشوش على المصلين ، بل قد يتسبب في خطأ بعض المأمومين في الصلاة ، حين يدخل أحد المصلين متأخرا فيدخل في الصلاة مع الإمام وهو ساجد ، ويجهر بالتكبير فيرفع بعض المأمومين من السجود ظنا منهم أن الإمام هو الذي كبر .
ولذلك قال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" يكره جهر مأموم في الصلاة بشيء من أقوالها ؛ لأنه يخلط على غيره " .
انتهى من " كشاف القناع " (1/332) .
وأما الإجماع : فقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية اتفاق الأئمة على أنه لا يشرع أن يجهر المأموم بالتكبير ، فقال: " لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام لغير حاجة باتفاق الأئمة " .
انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/402).
ويدل على ذلك أيضا : أن الإمام إنما شرع الجهر في حقه حتى يتمكن المأموم من الاقتداء به ، أما المأموم فلا حاجة لأن يجهر بالتكبير .
جاء في كتاب " مراقي الفلاح " (ص97) من معتمد كتب الحنفية :
" يسن جهر الإمام بالتكبير والتسميع لحاجته إلى الإعلام بالشروع والانتقال ، ولا حاجة للمنفرد ، كالمأموم " انتهى.
واستثنى المالكية فقط تكبيرة الإحرام ، فأجازوا للمأموم الجهر بها .
وقال النفراوي المالكي رحمه الله :
" يندب الجهر بتكبيرة الإحرام لكل مصل ، والإسرار بما عداها للمأموم والفذ ، وأما الإمام فالشأن في حقه الجهر بالتكبير والتسميع ليقتدي به المأموم " انتهى من " الفواكه الدواني " (1/192) .
وقال النووي الشافعي رحمه الله :
" أما غير الإمام فالسنة الإسرار بالتكبير سواء المأموم والمنفرد " .
انتهى من " المجموع " (3/295) .
ويدل على ذلك أيضا : الإجماع العملي من المسلمين في مساجدهم ، فلم يزل المسلمون في مساجدهم ينكرون على المأموم إذا رفع صوته بالتكبير أو القراءة .
والخلاصة : أن السنة في حق المأموم أن يسر وأن الجهر بذلك خاص بالإمام وحده .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب