الحمد لله.
أولا :
الذي عليه جمهور أهل العلم أن قبول الهدية مستحب ؛ لأن التهادي يبعث على مزيد المحبة والوئام بين المسلمين .
ينظر جواب السؤال رقم : (103668) .
وقد نهى النبي صلى الله عليه
وسلم عن رد الهدية ، إذا لم يكن هناك سبب يدعو لذلك ؛ لما روى الإمام أحمد (3838) ،
والبخاري في "الأدب المفرد" (157) وابن حبان في "روضة العقلاء" (ص 242) عَنْ عَبْدِ
اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( أَجِيبُوا الدَّاعِيَ ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ ، وَلَا
تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ). وصححه الألباني في "الإرواء" (6/59) .
قال ابن حبان رحمه الله عقبه :
" زجر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في هذا الخبر عَن ترك قبول الهدايا
بين المسلمين ، فالواجب على المرء إذا أهديت إليه هدية : أن يقبلها ، ولا يردها ،
ثم يثيب عليها إذا قدر ، ويشكر عنها ، وإني لأستحب للناس بعث الهدايا إلى الإخوان
بينهم ؛ إذ الهدية تورث المحبة وتذهب الضغينة " انتهى .
وروى الإمام أحمد (17936) عَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ بَلَغَهُ
مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ ، وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ ،
فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ )
وصححه الألباني في "الصحيحة" (1005) .
وإذا كان هناك سبب شرعي ، يدعو لرد هدية المهدي ، فينبغي تطييب قلب المهدي ببيان العذر في عدم قبول هديته :
روى البخاري (1825) ، ومسلم
(1193) عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ : " أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا ، وَهُوَ
بِالأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي
وَجْهِهِ قَالَ : ( إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ ) .
قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا
لِعُذْرٍ : أَنْ يَعْتَذِرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُهْدِيِ ، تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ "
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (8/107) .
وحيث إن هذه الأخت قبلت الهدية ، فيتأكد عدم ردها بعد قبولها ؛ لما يبعثه ذلك من الاختلاف ، وكسر الخاطر ، وتغير النفوس ، وحصول الضغائن .
ثانيا :
ليس للمهدي أن يسعى في استرجاع هديته ، ممن أهداها إليه ؛ بل هذا من غلبة البخل ،
وشح النفوس .
وينظر جواب السؤال رقم : (75056)
.
لكن إذا رد المهدى إليه ، الهدية ، من تلقاء نفسه ، لسبب ، أو لغير سبب ؛ فلا حرج على المهدي في قبولها بعد ذلك ، لأنه مال أتاه من غير سعي منه ، ولا إشراف نفس ، وقد فات المقصود من الهدية برد المهدى إليه ، وعدم قبول المهدي لهديته التي ردت عليه : إضاعة للمال ، من غير مصلحة شرعية .
سئل الشيخ عبد المحسن العباد
:
أهديت لرجل هدايا، ثم بعد مدة اختلفت معه اختلافاً أدى إلى الفرقة بيننا فرد إلي
جميع الهدايا ووضعها في بيتي ، فهل هذا يدخل في الرجوع في الهدية ؟ وكيف أردها إليه
؟
فأجاب :
" إن كان هو الذي أرجعها وأنت لم تطلبها منه فلا يضرك ذلك " انتهى .
http://ar.islamway.net/fatwa/32051
والله تعالى أعلم .
تعليق