الحمد لله.
هذا الحديث رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (254) فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمُّوَيْهِ الْجَوْهَرِيُّ الْأَهْوَازِيُّ، ثنا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَلَوِيُّ ، ثنا بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانَ ، ثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُوَرِّقٍ ، عَنِ ابْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ، ثُمَّ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ مَنْ نَاوَأَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ حَتَّى يُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ ) .
قال الهيثمي في "المجمع" (10/ 95):
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ " .
قال الشيخ الألباني :
لكن يشهد له ما أخرجه أحمد (4 /434) من طريق مطرف قال: قال لي عمران: " إني لأحدثك بالحديث اليوم ، لينفعك الله عز وجل به بعد اليوم، اعلم أن خير عباد الله تبارك وتعالى يوم القيامة الحمادون ، واعلم أنه لن تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون على الحق ، ظاهرين على من ناوأهم ، حتى يقاتلوا الدجال ، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعمر أهله في العشر فلم تنزل آية تنسخ ذلك ، ولم ينه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لوجهه ، ارتأى كل امرىء بعد ما شاء الله أن يرتئي ".
قلت: وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين ، وهو إن كان ظاهره الوقف فهو في
المعنى مرفوع ، ويؤكد ذلك أمران :
الأول: أنه جعله بيانا لقوله : " الحديث "، والمراد به المرفوع كما هو ظاهر .
الثاني: أنه ساق معه حديثين آخرين مرفوعين ، فأشعر بذلك أن الذي قبله مثلهما
في الرفع ، ولذلك قال الهيثمي: " رواه أحمد موقوفا، وهو شبه مرفوع ، ورجاله رجال الصحيح " انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4/ 112-113).
والموقوف رواه الإمام أحمد (19895) : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ ... فذكره .
وهذا إسناد صحيح .
وقد رواه الطبري في "تفسيره" (20/155) من طريق يزيد بن زريع ، وأحمد في "الزهد" (ص194) من طريق روح ، كلاهما عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: " كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يَقُولُ : " إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ الشَّكُورُ الصَّابِرُ الَّذِي إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ وَإِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ " وهو بمعنى حديث عمران ، وإسناده صحيح أيضا ، وسعيد هو ابن أبي عروبة ، كان اختلط ، وسماع يزيد منه قديم قبل الاختلاط ، وهو من أثبت الناس فيه ، حتى قال الإمام أحمد : " كل شيء رواه يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة فلا تبال أن لا تسمعه من أحد سماعه منه قديم "
انتهى من "تهذيب التهذيب" (11/ 326) .
وسعيد من أثبت الناس في قتادة ، قال أبو حاتم : " هو قبل أن يختلط ثقة وكان أعلم الناس بحديث قتادة " انتهى من "تهذيب التهذيب" (4/ 64) .
وهذا مما يوهن القول بأن الموقوف له حكم الرفع ، فالصحيح أن يقال : هو صحيح من قول عمران بن حصين ، ومن قول مطرف بن عبد الله بن الشخير راويه عن عمران ، أما القول بأن له حكم الرفع ففيه نظر . والصحابي ربما حدث بالحديثين جميعا أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والآخر عن نفسه ، كما رواه البخاري (6308) ، ومسلم (2744) عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قال : " حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، حَدِيثَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ ... "
فلا يلزم من كون الصحابي ذكر حديثا مرفوعا ، ثم ذكر معه كلاما من كلامه ، أن يكون هذا الكلام له حكم الرفع أيضا .
أما قول الفضيل بن
عياض: " من أكثر من قول الحمد لله كثر الداعي له " قيل: ومن أين
قلت هذا؟ قال: " لأن كل من يصلي يقول: سمع الله لمن حمده
"
فلم نجده عند أحد من أهل العلم ، لا بسند ولا بدون سند ، ولم
نجده إلا عند أبي حيان التوحيدي في كتابه "البصائر والذخائر" (1
/127) .
وأبو حيان لا يعتد بروايته ولا بنقله ، ولا يعول عليه في هذا
الباب .
راجع جواب السؤال رقم : (170262) .
والله تعالى أعلم .
تعليق