الحمد لله.
أولا :
أداء الشهادة فرض كفاية ، وقد تتعين على الشاهد ، وذلك في حالتين : أن يُدعى للشهادة ، أو تضيع الحقوق بتركه الشهادة .
انظر إجابة السؤال رقم : (147934) .
ثانيا :
أمر الله تعالى بإقامة العدل ، والشهادة بالقسط ، على كل حال ، وفي حق كل أحد.
قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) النساء/135 .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فأمر سبحانه بالقيام بالقسط وهو العدل في هذه الآية ، وهذا أمر بالقيام به في حق كل أحد عدواً كان أو ولياً " انتهى من "الرسالة التبوكية" (ص 31) .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) المائدة/ 8 .
قال السعدي رحمه الله :
" كما تشهدون لوليكم ، فاشهدوا عليه ، وكما تشهدون على عدوكم ، فاشهدوا له ، ولو كان كافرا أو مبتدعا، فإنه يجب العدل فيه " .
انتهى من "تفسير السعدي" (ص 224) .
وعن ابن عمر : " وقد َكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِي يهود خيبر
كُلَّ عَامٍ ، يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ، فَشَكَوْا
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ خَرْصِهِ ،
وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ ؟!
فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ ، أَتُطْعِمُونِي السُّحْتَ، وَاللَّهِ لَقَدْ
جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أحب الناس إليّ ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إَلَيَّ مِنْ
عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي
إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ !!
فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ " .
رواه ابن حبان (5199) " وغيره ، وحسنه الألباني في " التعليقات الحسان " (5176) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" كُلّ خَيْرٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْقِسْطِ وَالْعَدْلِ وَكُلَّ شَرٍّ فَهُوَ
دَاخِلٌ فِي الظُّلْمِ ، وَلِهَذَا كَانَ الْعَدْلُ أَمْرًا وَاجِبًا فِي كُلِّ
شَيْءٍ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَالظُّلْمُ مُحَرَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلِكُلِّ
أَحَدٍ فَلَا يَحِلُّ ظُلْمُ أَحَدٍ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا
أَوْ كَانَ ظَالِمًا .. " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/166) .
وقال أيضا :
" الْعَدْلُ وَاجِبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ
وَالظُّلْمُ لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنْهُ بِحَالِ حَتَّى إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ
أَوْجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْدِلُوا عَلَى الْكُفَّارِ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى ، وَالْمُؤْمِنُونَ كَانُوا يُعَادُونَ الْكَفَّارَ بِأَمْرِ اللَّهِ
فَقَالَ تَعَالَى [مُبَيِّنًا] : لَا يَحْمِلُكُمْ بُغْضُكُمْ لِلْكُفَّارِ عَلَى
أَنْ لَا تَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ بَلْ اعْدِلُوا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى." انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/339) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" أوجب الله سبحانه على المسلمين العدل في أعدائهم ، وأمرهم أن يقوموا بالعدل مع
جميع خصومهم ، ونهاهم أن يحملهم بغض قوم على ترك العدل فيهم ، وأخبر عز وجل أن
العدل مع العدو والصديق هو أقرب للتقوى ، والمعنى: أن العدل في جميع الناس من
الأولياء والأعداء هو أقرب إلى اتقاء غضب الله وعذابه " .
انتهى ملخصا من "مجموع فتاوى ابن باز" (2/ 182) .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إذا أتانا في العمل كافر ومسلم لأن لهم عندنا حاجة في العمل ننجزها فأتى الكافر قبل
المسلم هل نقدم المسلم على الكافر أو الذي أتى الأول؟
فأجاب :
" لا ، ابدأ بالذي أتى الأول، هذا هو العدل ، ولهذا قال العلماء: لو تحاكم كافر
ومسلم عند القاضي هل يجعل المسلم في مكان أحسن من الكافر؟ لا ، لا يجعله في مكان
أحسن ، بل يجعلهم سواء أمامه ، ولا يخاطب المسلم بخطاب لين ، والكافر بخطاب قاسٍ ،
هذا لا يجوز ، فالحكم بين الناس يجب أن يكون بالعدل ، وأنت إذا فعلت ذلك وعدلت
فربما يكون هذا سبباً لإسلام الكافر " .
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (79/ 17) بترقيم الشاملة .
وينظر إجابة السؤال رقم : (111911) .
والله أعلم .
تعليق