الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل توكل شركة للحج عنها وهي لا تعرف هل يقومون بأداء النسك كما يجب أم لا؟

السؤال


أنا مريضه بمرض لا يرجي شفائه ، فلا يعلم سببه ، ولا طريقة للعلاج له حتى الآن ، وسمعت أن بمكة شركة تقوم بالتعاون مع شركة أخرى بمصر بعمل حج وعمرة بالبدل عن المتوفين والمرضي ، ولكني لا أثق فعلا هل هم يفعلون الحج والعمرة نيابة ، عنا أو لا . فهل أرسل لهم حتى وأنا لست واثقة من الأمر ؟ وهل أثاب ، ويتم حجي ، إن كان الأمر غير حقيقي ، أم أكون مازلت لم أؤد الفريضة ؟ وهل استطيع أن أرسل أكثر من مرة للعمرة ، أو الحج أم إن الحج والعمرة بالنيابة في الفريضة فقط ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
نسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم : أن يشفيك من دائك ، بمنه وكرمه ولطفه الخفي ، شفاء لا يغادر سقما .
وبعد ؛ فمن كان مريضا مرضا لا يرجى برؤه فإنه يوكل غيره ليحج عنه حج الفريضة ، بشرط أن يكون النائب قد حج عن نفسه .
ينظر جواب السؤال رقم : (83765) ، (111794) .

ثانيا :
الأصل في هذه الشركات التي تقوم بالحج والعمرة بالإنابة الأمانة ؛ لأن الأمانة عامل أساسي في استمرار عملهم ، وهم حريصون على ذلك ، والعادة جارية بأن أصحاب أي مشروع يحرصون على أدائه بتمامه حتى يقبل الناس عليهم ولا يسيئوا الظن بها فيهجروهم إلى غيرهم - هذا أقل ما يقال من حيث الأصل .

ومع ذلك : فالواجب عليك أن تحتاطي لعبادتك ، وتجتهدي في إبراء ذمتك ، فلا توكلي في مثل ذلك إلا من تعلمين ، أو يغلب على ظنك أنه يقوم بذلك ، إما بمعرفة منك ، وتجربة له ، أو بخبر الثقات العالمين بحاله .

ثم إذا اجتهدت في ذلك ، وغلب على ظنك أمانة الوكيل ، فليس عليك أن تفتشي في أمره ، وتبحثي عما إذا كان قد أدى الأمانة فعلا ، أو لا ، لأن الأصل فيه أن يقوم بها ، خاصة في أمور العبادات ، إلا إذا بدا لك من أمره ، ما يوجب الريب فيه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله
" ... الأصل أن مثل هذه المسائل الغالب على من أخذها أنه يؤديها ، هذا الغالب، وإن كان قد يتهم بالخيانة ، لكن الغالب أنه يؤديها ، لكن إذا احتاط وأخذ حجةً أخرى من باب الاحتياط فهذا أحسن ، من باب : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، ومن باب الحيطة " انتهى .
http://ar.islamway.net/fatwa/43807
وعلى كل حال، فإننا لا ننصحك بمثل هذه الشركات التي لا تعلمين شيئا عنها ، ولم يزكها عندك أحد الثقات العارفين بحالها .
ونحن نعلم أن في كل بلد ، وفي كل مكان من المعارف المقيمين ، أو المسافرين في هذه البلاد من يقوم عنك بذلك الأمر ، فاجتهدي في أن تبحثي فيمن حولك ، أو فيمن تعرفينه عمن يتوكل عنك بنفسه في ذلك الأمر ، أو يكلف هو شخصا ثقة ، يمكنه القيام بذلك .

ثالثا :
إذا شرع المريض في الوكالة عنه لحج أو عمرة : فينبغي عليه أن يوكل عن نفسه أمينا عالما بأداء النسك ، ولا يوكل غير أمين أو جاهل .
فإن استناب غيره فظهر غير أمين : فإن كان أوكله عن حج الفريضة ، وتبين أنه لم يؤدي النسك كما يجب عليه ، واستهان بما أوكل إليه : فإن هذا الوكيل يُضَمَّن أجرة هذه الحجة ، بمعنى أنه يطالب بها ، وتؤخذ منه ، ثم يوكِّل صاحب الأمر أمينا ثقة ، عالما بأداء النسك ليحج عنه مرة أخرى في العام التالي .
وإن كان أوكله في حج النافلة فبان غير أمين ولم يؤد النسك كما يجب : فإنه يضمن ، ولا يجب على الموكل أن يقيم من يحج عنه في العام التالي .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
شخص دفع مالا لشخص من أجل أن يحج لوالدته وهو يرى أنه أمين ، ثم تبين له أن هذا الشخص يعمل عملا غير صالح ، ويطلب الإفادة ؟
فأجاب : " ينبغي لمن أراد أن يستنيب أحدا أن يبحث عنه ، وأن يعرف أمانته واستقامته وصلاحه، وعليه إذا كانت الحجة لازمة وفريضة أن يعوض عنها حجة أخرى ، وإذا كانت الحجة وصية لأحد ، أوصاه بأن يخرجها ، فوضعها في يد غير أمينة : فإن الأحوط في حقه أن يبدلها بغيرها ؛ لأنه لم يحرص ولم يعتن بالمقام بل تساهل ، أما إذا كان متطوعا ومحتسبا وليس عنده وصية لأحد ، وإنما أراد التطوع والأجر : فلا شيء عليه ، وإن أحب أن يخرج غيرها فلا بأس " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (16/ 420-421) .

رابعا :
اختلف أهل العلم في الاستنابة في الحج أو العمرة النافلة ، فأجاز ذلك طائفة منهم ، إذا كان الموكل عاجزا لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه ، وكان الوكيل قد حج عن نفسه حج الفريضة .
وهذا اختيار علماء اللجنة الدائمة والشيخ ابن باز رحمه الله .
وذهبت طائفة أخرى إلى المنع من ذلك ، وهو المشهور عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
ينظر جواب السؤال رقم : (41732) .
وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فتوى ، رخص فيها للولد أن يحج عن والده حج نافلة ، بطلب منه .
فقد سئل رحمه الله :
طلب مني والدي أن أحج عنه في هذا العام حج نافلة ، حيث إنه قد حج مرة واحدة ، وهو قادر على الحج مادياً ولكنه صحياً غير قادر، فهل أحج عنه ، علماً أني قد حججت عن نفسي ؟
فأجاب الشيخ : " لا بأس أن يحج عنه في هذا الحال " .
انتهى من "اللقاء الشهري" (62/ 21) بترقيم الشاملة .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب