الحمد لله.
أولا :
تقدم أن الكلام في المسجد ينقسم إلى قسمين :
- أن يكون فيه تشويش على المصلين والقارئين والدارسين ، فهذا لا يجوز .
- أن لا يكون فيه تشويش على أحد ، فهذا إن كان في أمر من الخير ، فهو خير .
وإن كان في أمر الدنيا : فإن منه ما هو ممنوع ، ومنه ما هو جائز ؛ فمن الممنوع البيع والشراء والإجارة وإنشاد الضالة . ومن الجائز : أن يتحدث الناس في أمور الدنيا بالحديث الصدق الذي ليس فيه شيء محرم .
روى الإمام أحمد (18543) عَنِ فروة بن عمرو الْبَيَاضِيِّ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ ) .
ورواه علي بن الجعد في "مسنده" (1575) وزاد : ( فتؤذوا المؤمنين ) .
وصححه الألباني في "الصحيحة" (1597) .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
" رفع الأصوات في المسجد على وجهين :
أحدهما : أن يكون بذكر الله وقراءة القرآن والمواعظ وتعليم العلم وتعلمه ، فما كان من ذلك لحاجة عموم أهل المسجد إليه ، مثل الأذان والإقامة وقراءة الإمام في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة ، فهذا كله حسن مأمور به .
وما لا حاجة إلى الجهر فيه ، فإن كان فيه أذى لغيره ممن يشتغل بالطاعات كمن يصلي لنفسه ويجهر بقراءته ، حتى يغلط من يقرأ إلى جانبه أن يصلي ، فإنه منهي عنه " انتهى من " فتح الباري " لابن رجب (3/ 282) .
وينظر إجابة السؤال رقم : (141553) .
ثانيا :
إيقاظ المسلمين للصلاة ، وخاصة صلاة الفجر ، من التعاون على البر والتقوى ، وقد سئل
الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل له أن يوصي الجيران والإخوان الحريصين على صلاة الفجر لإيقاظه ؟
فأجاب : " نعم ، طيب هذا ، من باب التعاون على البر والتقوى ، إذا كان قد ينام وقد
لا يسمع الساعة في شدته ، لا بد أن يوصي أهله الذين عنده في البيت : أمه، وأخواته
يجاهدون معه ، يوقظونه ، عليهم التعاون معه ، الله جل وعلا يقول:
( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) فعلى أمه وعلى أخته وعلى من في
البيت أن يساعدوه في هذا ؛ لأنه قد لا يسمع الساعة في شدة نومه " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (7/ 115) .
فإذا كان هذا المؤذن يستعمل الجوال في المسجد لإيقاظ الناس لصلاة الفجر ، ولم يترتب على ذلك تشويش على المصلين أو القارئين أو الذاكرين ، كما هو ظاهر حاله ، ولم يترتب عليه تشغيل رنات موسيقية بالمسجد : فلا حرج عليه في ذلك ، وهو من التعاون على البر والتقوى .
أما إذا ترتب على ذلك تشويش
على المصلين وأهل المسجد فإنه يتعين عليه الخروج من المسجد أو دخول غرفة الإمام
والاتصال بهم .
والذي يظهر أن تشغيله للهاتف ، وهو في صلاة السنة ، أو تحية المسجد : لا يخلو عن
شغل وتشويش على من بجواره من المصلين ، أو عليه هو ، على أقل تقدير ، وليس له أن
ينشغل في صلاته بأمر غيره ؛ فإن في الصلاة شغلا عما سواها ، ولو من أعمال الخير .
ويراعى أيضا عدم صدور أصوات
موسيقية محرمة ، فلا يجوز له ترك جواله يعمل وهو يصلي السنة ، فيحدث رنات موسيقية
من خلال اتصالات أهله وأصحابه ؛ لأن تشغيل الموسيقى في المسجد أو غيره منكر محرم لا
يجوز .
انظر إجابة السؤال رقم : (34217) .
والله أعلم .
تعليق