الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

هل يجب إتباع أحد المذاهب

السؤال

هل يجب على كل مسلم أن يتبع أحد المذاهب (المالكي أو الحنفي أو الحنبلي أو الشافعي) ؟ إذا كان الجواب نعم فما أفضل مذهب ؟ هل صحيح أن مذهب أبي حنيفة هو أكثر مذهب منتشر بين المسلمين ؟.

الجواب

الحمد لله.

لا يجب على المسلم اتباع مذهب بعينه من هذه المذاهب الأربعة ، والناس متفاوتون في المدارك والفهوم والقدرة على استنباط الأحكام من أدلتها ، فمنهم من يجوز في حقه التقليد ، بل قد يجب عليه ، ومنهم من لا يسعه إلا الأخذ بالدليل . وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بيان كاف شاف لهذه المسألة ، يحسن أن نذكره هنا بنصه :

السؤال :

ما حكم التقيد بالمذاهب الأربعة واتباع أقوالهم على كل الأحوال والزمان ؟

فأجابت اللجنة :

والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد :

أولا : المذاهب الأربعة منسوبة إلى الأئمة الأربعة الإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد ، فمذهب الحنفية منسوب إلى أبي حنيفة وهكذا بقية المذاهب.

ثانيا : هؤلاء الأئمة أخذوا الفقه من الكتاب والسنة وهم مجتهدون في ذلك ، والمجتهد إما مصيب فله أجران ، أجر اجتهاده وأجر إصابته ، وإما مخطئ فيؤجر على اجتهاده ويعذر في خطئه.

ثالثا : القادر على الاستنباط من الكتاب والسنة يأخذ منهما كما أخذ من قبله ولا يسوغ له التقليد فيما يعتقد الحق بخلافه ، بل يأخذ بما يعتقد أنه حق ، ويجوز له التقليد فيما عجز عنه واحتاج إليه.

رابعا : من لا قدرة له على الاستنباط يجوز له أن يقلد من تطمئن نفسه إلى تقليده ، وإذا حصل في نفسه عدم الاطمئنان سأل حتى يحصل عنده اطمئنان .

خامسا : يتبين مما تقدم أنه لا تتبع أقوالهم على كل الأحوال والأزمان ؛ لأنهم قد يخطئون ، بل يتبع الحق من أقوالهم الذي قام عليه الدليل ).

فتاوى اللجنة 5/38

وجاء في فتوى اللجنة رقم 3323

( من كان أهلا لاستنباط الأحكام من الكتاب والسنة ، ويقوى على ذلك ولو بمعونة الثروة الفقهية التي ورثناها عن السابقين من علماء الإسلام كان له ذلك ؛ ليعمل به في نفسه ، وليفصل به في الخصومات وليفتي به من يستفتيه . ومن لم يكن أهلا لذلك فعليه أن يسأل الأمناء الموثوق بهم ليتعرف الحكم من كتبهم ويعمل به من غير أن يتقيد في سؤاله أو قراءته بعالم من علماء المذاهب الأربعة ، وإنما رجع الناس للأربعة لشهرتهم وضبط كتبهم وانتشارها وتيسرها لهم.

ومن قال بوجوب التقليد على المتعلمين مطلقاً فهو مخطئ جامد سيئ الظن بالمتعلمين عموما ، وقد ضيق واسعا .

ومن قال بحصر التقليد في المذاهب الأربعة المشهورة فهو مخطئ أيضا قد ضيق واسعا بغير دليل . ولا فرق بالنسبة للأمي بين فقيه من الأئمة الأربعة وغيرهم كالليث بن سعد والأوزاعي ونحوهما من الفقهاء ) فتاوى اللجنة 5/41 .

وجاء في الفتوى رقم 1591 ما نصه :

( ولم يدعُ أحد منهم إلى مذهبه ، ولم يتعصب له ، ولم يُلزِم غيره العمل به أو بمذهب معين ، إنما كانوا يدعون إلى العمل بالكتاب والسنة ، ويشرحون نصوص الدين ، ويبينون قواعده ويفرعون عليها ويفتون فيما يسألون عنه دون أن يلزموا أحدا من تلاميذهم أو غيرهم بآرائهم ، بل يعيبون على من فعل ذلك ، ويأمرون أن يضرب برأيهم عرض الحائط إذا خالف الحديث الصحيح ، ويقول قائلهم " إذا صح الحديث فهو مذهبي " رحمهم الله جميعا .

ولا يجب على أحد اتباع مذهب بعينه من هذه المذاهب ، بل عليه أن يجتهد في معرفة الحق إن أمكنه ، أو يستعين في ذلك بالله ثم بالثروة العلمية التي خلفها السابقون من علماء المسلمين لمن بعدهم ، ويسروا لهم بها طريق فهم النصوص وتطبيقها . ومن لم يمكنه استنباط الأحكام من النصوص ونحوها لأمر عاقه عن ذلك سأل أهل العلم الموثوق بهم عما يحتاجه من أحكام الشريعة لقوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وعليه أن يتحرى في سؤاله من يثق به من المشهورين بالعلم والفضل والتقوى والصلاح )

فتاوى اللجنة الدائمة 5/56 .

ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله قد يكون أكثر المذاهب انتشاراً بين المسلمين ، ولعل من أسباب ذلك تبني الخلفاء العثمانيين لهذا المذهب ، وقد حكموا البلاد الإسلامية أكثر من ستة قرون ، ولا يعني ذلك أن مذهب أبي حنيفة رحمه الله هو أصح المذاهب أو أن كل ما فيه من اجتهادات فهو صواب ، بل هو كغيره من المذاهب فيه الصواب والخطأ ، والواجب على المؤمن اتباع الحق والصواب بقطع النظر عن قائله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب