الحمد لله.
عرَّف الفقهاء - رحمهم الله تعالى - العاريَّة بأنها إباحة انتفاع بعين تبقى بعد استيفاء المنفعة ليردها إلى مالكها .
والعاريَّة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع ، وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في ضمان العارية وسبق بيان اختلافهم مع ذكر أحكام العارية وشروط صحتها في الفتوى رقم : (21577) .
أما شرط مكتبة جامعتكم على من أتلف كتابا أو ضيعه فإنه يُلزَم بضمانه بخمس نسخ ، فهذا ليس من الربا في شيء ؛ فالمعاملة القائمة بين الجامعة والطلبة هي إعارة الكتب وليست قرضا حتى يدخل فيها الربا ؛ فضلا عن أن الكتب ليست من الأصناف التي يجري فيها الربا أصلاً .
ولكن يبقى النظر في مسألة اشتراط المعير على المستعير أن يضمن العاريَّة بأكثر من قيمتها ، وهذا شرط فاسد .
جاء في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (5/142): " وَلَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ إذَا تَلِفَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْأَقْيَسَ أَنَّهَا إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ" انتهى.
وفي "نهاية المطلب في دراية المذهب" (7/139): " ولو قال: أعرتك ثوبي هذا على أن تضمن لي عشرةً ، إذا تلف في يدك ، وكانت قيمته خمسة ، فالخمسة الزائدة تشبه أن تكون عوضاً ، فلحق ما ذكرناه بالإجارة الفاسدة ، ويشبه أن يكون عاريَّةً مشتملة على شرط فاسدٍ" انتهى.
فالواجب على المكتبة الاقتصار على تضمين من أتلف الكتاب المستعار بنسخة مثل النسخة التي أتلفها ، وإن لم يكن لها مثل فإنه يدفع قيمتها .
وإذا كانت المكتبة قد تكلفت على الكتاب شيئا زائداً من وضع ملصقات الكترونية وفهرسة ونحوها ، فإنه يضمن قيمة هذه الأمور إضافة لضمان الكتاب .
وقد سألنا شيخنا الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله تعالى – عن هذه المسألة ، فقال: " هذا الشرط لا يجوز ، وفيه جور وظلم ، وإذا وجد من يتوسط له ليأخذوا منه نسخة واحدة فقط: فلا بأس " انتهى .
والله أعلم.
تعليق