الحمد لله.
أولا:
الرؤيا الصالحة من المبشرات , وهي جزء من أجزاء النبوة , فقد أخرج البخاري (6988) ، ومسلم (2263) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ) .
وأخرج مسلم (479) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ( .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم من علامات اقتراب الساعة صدق رؤيا المسلم وتحققها , فلا تكاد تكذب , فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ، وَمَا كَانَ مِنْ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ) رواه البخاري (7017) ، ومسلم ( 2263 ) .
جاء في " شرح النووي على مسلم" (15 / 20) : " قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ : قِيلَ: الْمُرَادُ إِذَا قَارَبَ الزَّمَانُ أَنْ يَعْتَدِلَ لَيْلُهُ وَنَهَارُهُ , وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِذَا قَارَبَ الْقِيَامَةَ , وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ تعبير الرُّؤْيَا , وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِي" انتهى.
ثانيا:
لا يجب عليك أن تبحثي عن تأويل لكل ما ترينه , فإن هذا يضيع الكثير من الوقت ، مع
قلة فائدته , وقلة من يتكلم في هذه الباب بفهم ، وصدق ، وورع .
وأفضل ما تنفق فيه الأوقات الاشتغال بطاعة الله سبحانه علما وعملا , فاهتمي بذلك واجعلي كل وقتك لإصلاح ما بينك وبين ربك جل وعلا , قال ابن مفلح : " قال هشام بن حسان : كان ابن سيرين يُسأل عن مائة رؤيا ، فلا يجيب فيها بشيء إلا أن يقول : اتق الله وأحسن في اليقظة , فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم " انتهى من الآداب الشرعية (3/451)" .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد – حفظه الله - : " لا ينبغي للإنسان أن يُشغل نفسه
بالرؤى ، لكن إذا حصلت له رؤيا ، وأمكنه تعبيرها : فإنه يعبرها ، وإن لم يعبرها
ووثق في أحد ، وسأله : عبرها له ، وإن كان فيها شيء لا يعجبه : فيأخذ بالآداب التي
أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما أن يشغل نفسه بالرؤى وتعبيرها : فإنه قد يشتغل بذلك عن غيره ، مما هو أهم منه
، والعلماء ما كانوا يحرصون على الاشتغال بالرؤى …. . فهذا يحتاج إلى وقت ، ليبحث ،
ويقرأ عن فلان ، وعن فلان ، ولهذا نجد الآن بعض المعبرين الذين تصدوا للتعبير :
سوقهم رائجة ، والناس يشغلونه أكثر مما يشغلون العلماء في مسائل الدين ، وفي مسائل
الفقه ، والأمور التي يحتاجون إليها في أمور دينهم " انتهى ." شرح سنن أبي داود "
شريط رقم ( 359 ) .
ثالثا:
لا يصح الاعتماد على الكتب في تفسير الرؤى . جاء في " الفواكه الدواني على رسالة
ابن أبي زيد القيرواني " (2 / 353) :" ولا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتاب
التفسير ، كما يفعله بعض الجهلة بكتب نحو ابن سيرين ، عندما يقال له أنا رأيت كذا،
والحال أنه لا علم له بأصول التعبير ؛ فهذا حرام ، لأنها تختلف باختلاف الأشخاص
والأحوال والأزمان وأوصاف الرائين ، فعلمها غويص يحتاج إلى مزيد معرفة بالمناسبات"
انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :" إن من المهم ألا نعتمد على ما يوجد في بعض الكتب
ككتاب " الأحلام " لابن سيرين ، وما أشبهها ؛ فإن ذلك خطأ ؛ وذلك لأن الرؤيا تختلف
بحسب الرائي ، وبحسب الزمان ، وبحسب المكان ، وبحسب الأحوال ، يعني : ربما يرى
الشخص رؤيا فنفسرها له بتفسير ، ويرى آخر رؤيا هي نفس الرؤيا ، فنفسرها له بتفسير
آخر غير الأول ؛ وذلك لأن هذا رأى ما يليق به ، وهذا رأى ما يليق به ، أو لأن الحال
تقتضي أن نفسر هذه الرؤيا بهذا التفسير ..." انتهى من شرح رياض الصالحين " (4 /
377).
مع التنبيه على أن كتاب التعبير الذي ينسب لابن سيرين قد شكك كثير من أهل العلم في نسبته إليه , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم :(6537).
والله أعلم.
تعليق