الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

أوصى لبناته بالثلث تأديبا للابن الذي أخذ المال كله فما الحكم؟

21696

تاريخ النشر : 02-04-2002

المشاهدات : 12438

السؤال

قبل وفاة أبي بعام قام بتسليم كل فرد منا 3 بنات وولد أوراق الحسابات الخاصة التي قام بادخارها كل منا وطوال سنوات الغربة التي عاني فيها الكثير كنا نعلم كم عاني من أجل أن يوفر لنا ذلك فلم يجرأ أحد منا سحب أي مبلغ دون الرجوع إليه احتراماً له .
وحدث أن قام أخي بسحب كل ما يوجد في الحساب إزاء مشاجرة تمت بين أخي وأختي وكان أبي يرحمه الله في صف البنات مما جعل أخي سامحه الله أن يقوم بسحب كافه الأموال التي كان أبي قد وضعها في حسابه وسلمه أوراقها ، وعندما علم أخي بهذه الوصية أقام دعوة قضائية يطعن في الوصية وشرعيتها ، وعند علم أبي بذلك من البنك أصابته صدمة عنيفة وبلغه بإرجاع النقود لاحتياجه لهل في مرضه ورفض أخي إرجاع النقود لأبي مما كان له أثر سيء لديه وتوفى أبي وهو غاضب عليه وكان قد كتب وصية بثلث التركة للبنات وكانت هذه الوصية بمثابة عقاب لأخي كتبها أبي قبل وفاته وهو مدرك تماماً ما أوصى به .
و قد قمت عن نفسي برفض هذه الوصية وذلك لعدم ارتياحي لها وتمسكت بحقي الشرعي فقط ونصحت إخوتي البنات بترك هذه الوصية وذلك لندفع أي شك في خطأ وقع فيه والدنا وكذلك حفاظاً على صلة الرحم مع أخي كما أوصانا الله بها ، فلم تفلح محاولاتي العديدة لإقناعهم ومضوا في طريقهم لتنفيذ الوصية عن طريق القضاء . ولم تفلح دموع أمي رحمها الله أن تثنيهم عن مواصلة المطالبة بتنفيذها . وحاولت أيضاً مراراً مع أخي لكي أثنيه عن الدخول مع إخوتي البنات للنزاع في المحاكم حفاظاً على اسم وسمعة والدنا ، وطلبت منه أن يعتبر ذلك عقاباً له في الدنيا لما سلف أن فعله مع أبي ، فرفض التنازل عما يعتبره حقه لأي سبب كان ، واتهمني كل طرف منهم بعدم مساندة الحق وكنت قد نزهت نفسي بالخوض في نزاعاتهم بتوكيل محامي عني يعلن رفضي لهذه القضية من البداية .
أرجو إفادتي بما ترونه في حكم الشرع وما موقف إخوتي الشرعي ، ثم ما هي واجباتي نحوهم وقد اتخذوا موقفاً مني في هذا الموضوع رغم محاولتي الكثيرة لصلتهم وبرهم .

الجواب

الحمد لله.


إنه لما يؤسف منه أن يحدث مثل هذا بين مجموعة من الإخوة ، ومما يزيد الأمر أسفاً أن يكون سبب الخلاف هو المال ، وحقيقةً فإني أشكر الأخت السائلة على طيب نفسها ورجاحة عقلها حيث آثرت السلامة على الدخول في شجار مع أخيها ، وسعت في احتواء القضية وحلها داخل نطاق الأسرة وهذا بحد ذاته يعتبر بداية الحل السليم لهذه القضية ، وأما عن الإجابة على هذا السؤال فسوف يكون في النقاط التالية :
الأولى :
هذا المال الذي كان أبوكم قد ادخره لكم وتعب فيه من أجل نفعكم به ، حق جميع من كتب الله له الميراث فيه ، كل شخص منكم يملك نصيبه الشرعي بعد وفاة أبيكم وليس لأحدكم أن يستأثر بهذا المال دون باقي الورثة لأنه يكون معتدياً على حق الغير ، قال الله تعالى ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة/190
وعن أبي حرة الرقاشي عن عمه قال كنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرء إلا بطيب نفس منه ) رواه أحمد( 20172 ) وصححه الألباني في صحيح الإرواء (1761 )
الثانية :
الوصية التي وصى بها والدكم وصية غير شرعية ولا يجوز لَكُنَّ المطالبة بها ، لأن الشخص الوارث لا يجوز أن يُخص بوصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) رواه الترمذي (2120) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1722) فلا تجوز لكن المطالبة بها - وإن كان أخوكن قد أخذ عليكن المال - ولكن طالبن بما أعطاكن الله إياه من الميراث .
الثالثة :
موقفك منهم هو أن تستمري في النصح والتوجيه وجمع الكلمة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ، وتذكري أن لك من الله الأجر والثواب على ذلك , قال الله تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) النساء/114
كرري على أخواتك ألا يطالبن إلا بما لهن من الحقوق ، وأن المطالبة بالثلث أمر لا يجوز ، وحاولي أيضاً مع أخيك بالتي هي أحسن أن يعطي أخواتك مالهن من الحقوق ، وأن يكون رحمة على أخواته بعد وفاة أبيه بدلاً من أن يكون عذاباً عليهن ، وسوف تجدين في سبيل ذلك عناءً ولا شك ، لكن اصبري ونسأل الله أن يثيبك على ذلك .
رابعاً :
إذا كنت على الحق فلا يضّرك لوم اللائمين ولا اتهامهم لك بالانحياز إلى طرف دون آخر فاثبتِى على الحق .
وأخيراً فإننا ندعوكم جميعاً لأن تتقوا الله تعالى وأن تدرؤوا عنكم هذا الخلاف الفاضح الذي لا يفرح به إلا الشيطان ومن في قلبه مرض وكل شامت وحاسد .
 أسأل الله أن يصلح ذات بينكم وصلى الله على نبينا محمد.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد