الحمد لله.
أولا :
مادام أن نص وثيقة الوقف تضمنت هذه العبارة " أوقفت وحبست وأوهبت مالي على ابن أخي أحمد وعياله نسلا من بعد نسل " .
فإن عبارة : " نسلا بعد نسل" أو " بطنا بعد بطن " ، وما شابهها من العبارات ، تقتضي الترتيب ، فلا تستحق الطبقة الثانية ، حتى تنقرض الطبقة التي قبلها .
جاء في " الموسوعة الفقهية
الكويتية " (44/ 160) :
" والترتيب بين البطون قد يكون بحرف العطف (ثم) أو (الفاء) ، فلو قال الواقف : وقفت
على أولادي ، ثم على أولاد أولادي ، ثم على أولاد أولاد أولادي ما تناسلوا ، أو
بطنا بعد بطن ؛ فتصرف غلة الوقف إلى البطن الأول وهم أولاده ، لا يصرف إلى البطن
الثاني شيء ، إلا بعد انقراض البطن الأول ، ولا يصرف إلى البطن الثالث شيء ، ما بقي
من البطن الثاني واحد ." انتهى .
وجاء في " مغني المحتاج "
(3/ 541) :
" وذهب الجمهور إلى أن قوله : بطنا بعد بطن : للترتيب ، كقوله الأعلى فالأعلى ،
وصححه السبكي تبعا لابن يونس ؛ قال: وعليه : هو للترتيب بين البطنين فقط " انتهى .
وفي " مطالب أولي النهى "
(4/ 348) :
" وَمَنْ وَقَفَ (عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ) ، أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ
، أَوْ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا ، أَوْ تَعَاقَبُوا ؛ الْأَعْلَى
فَالْأَعْلَى ، أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ ، أَوْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ،
أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ ، أَوْ قَالَ : عَلَى أَوْلَادِي ، فَإِذَا انْقَرَضُوا
فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي : (فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ عَلَى) جُمْلَةٍ (مِثْلِهَا
؛ لَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا قَبْلَ انْقِرَاضِ) الْبَطْنِ
(الْأَوَّلِ) " انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" الترتيب : أن يأتي بما يدل على الترتيب ، مثل أن يقول : هذا وقف على أولادي ثم
أولادهم ، أو وقف على أولادي ، بطنا بعد بطن ، أو وقف على أولادي ، فإذا عدم البطن
الأول فللثاني، فهذا نسميه ترتيبا، ولا يختص بـ (ثم) ، فكل ما دل على الترتيب نعمل
به ..
وفي الترتيب : لا يستحق البطن الثاني شيئا مع البطن الأول " انتهى من " الشرح
الممتع " (11/ 37 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" وَإِنْ رَتَّبَ .. فَيَكُونُ عَلَى مَا شَرَطَ ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ
الثَّانِي شَيْئًا حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ كُلُّهُ . وَلَوْ بَقِيَ وَاحِدٌ
مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ، كَانَ الْجَمِيعُ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ ثَبَتَ
بِقَوْلِهِ، فَيَتْبَعُ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ . " انتهى من " المغني " (6/ 12)
.
وعليه : فإنه ينحصر الاستحقاق في الطبقة الأولى ، فإن مات بعضهم وزعت الغلة على من
بقي منهم ، إلى أن تنقرض تلك الطبقة ، ثم يتنقل الاستحقاق إلى الطبقة التالية من
نسل الذكور.
ثانيا :
يفهم من سؤالك : أنك تظن اختصاص الوقف بالذكور ، وليس فيما ذكرته من الوثيقة ما
يفيد ذلك ، بل فيه استحقاق الذكور والإناث من كل طبقة ، إذا انطبق عليهم أنهم من
ذرية الذكور، فإذا انقرضت تلك الطبقة انتقل الاستحقاق إلى الطبقة التالية من ذرية
الذكور ، سواء كانت هذه الذرية المستحقة : ذكورا أم إناثا ، وهكذا .
والله أعلم .
تعليق