الحمد لله.
الحياة بصفة عامة والحياة الزوجية على وجه الخصوص تبغي الكثير من الصبر والتضحيات والحنكة والذكاء في التعامل مع أمورها.. وقد أرشدنا ديننا الحنيف إلى المعاملة بالحسنى مع كل من حولنا وأداء الحقوق التي لهم علينا ، ولم يعفنا من ذلك في حال عدم وفائهم بواجباتهم نحونا ، بل جعل الفضل والإحسان مقدما على التعامل بالمثل ، ولم يبرر لنا سوء الأخلاق حتى ولو أساء الآخرون إلينا .
أختنا الكريمة ، نحن نتفهم معاناتك ونشاركك إحساسك بالغيظ والامتعاض من استهزاء زوجك بوالديك ، وقد أحسنت بصبرك وبتنبيهك له وبعدم معاملته بالمثل بتعيير والديه والاستهزاء بهما ، فإن من يفعل ذلك فهو بمثابة من يستهزئ بوالديه ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ( قيل : يا رسول الله ، وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال : ( يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه ) رواه البخاري ( 5973 ) .
لذلك ننصحك بكثير من الصبر والاحتساب ، فإن الله قد جعل هذه الحياة الدنيا فانية ، وفانية معها أكدارها وهمومها ، وقد خبأ لعباده الصابرين هدايا رضاهم وصبرهم فلا تبتئسي ، كما ننصحك أن تحاوري زوجك في هدوء ، وأن توضحي له ما يضرك من الأمر ، وأن تعظيه برفق عن عاقبة المستهزئين وبأن ذلك ممقوت من الله ويخالف أخلاق المؤمنين ، يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ ) الحجرات/11 ، كما ننصحك أن تعاملي أهله برفق ، وألا تجعلي من موقف استهزاء زوجك بوالديك سببا لإهانتهم ، فهم على كل حال لم يتعرضوا لك بسوء ، ولا ذنب لهم في فعل ابنهم ، بل أحسني إليهم كما تحبين أنت أن يحسن زوجك لأهلك .
واعلمي أختنا الفاضلة أنه لا تعارض بين أن تحترمي زوجك ووالديك في نفس الوقت ، بل إن حق زوجك مقدم على حق والديك في ترتيب الحقوق في الشريعة ، ولكن في نفس الوقت لا يعطي ذلك لزوجك الحق في إهانتهما ولا يفرض عليك الصمت على ذلك .
نسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق وأن يجمع بينكما على ما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
تعليق