الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

قصة الشاب الذي مات من خشية الله ، وخاطب عمر رضي الله عنه من قبره .

218554

تاريخ النشر : 08-08-2014

المشاهدات : 45489

السؤال


كان بالمدينة شاب , غض الإهاب , أرهفه الزهد , يلازم المسجد ليسمع الحديث غضا طريا من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم , أعجب به عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكان له أب شيخ كبير , فإذا صلى العشاء انصرف إليه , وكان طريقه على باب امرأة , افتتنت به , فمر بها ذات يوم , فمازالت تغويه حتى تبعها , فلما هَمَّ أن يدخل البيت خلفها , تذكر قول الحق سبحانه وتعالى : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) فخر مغشيا عليه , فحمل إلى أبيه . ظل الشاب مغشيا عليه حتى ذهب ثلث الليل , ولما فاق سأله أبوه عما حدث فأخبره . فقال له أبوه : يا بني وأي آية قرأت ؟ فقرأ الشاب الآية ، فخر مغشيا عليه , وعندما اجتمع أهله وجيرانه يحركونه وجدوه ميتا , فغسلوه وكفنوه ودفنوه ليلا . وفى الصباح رفع الأمر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فجاء إلى أبيه فعزاه ثم أتى قبر الشاب , وصاح قائلا : يا فلان : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) . فأجابه صوت الفتى من القبر : يا عمر قد أعطانيها ربى في الجنة مرتين . فهل هذه القصة صحيحة ؟

الجواب

الحمد لله.


هذه القصة رواها الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (45/ 450) فقال :
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم ثنا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو محمد بن أبي نصر وأبوه أبو علي وعبد الوهاب الميداني وأبو نصر بن الجبان واللفظ لابن أبي نصر قالوا أنا أبو سليمان بن زبر نا أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو الكوفي نا عمران بن موسى الطرسوسي نا أبو صالح كاتب الليث نا يحيى بن أيوب الخزاعي قال : سمعت من يذكر :
أنه كان في زمن عمر بن الخطاب شاب متعبد قد لزم المسجد ، وكان عمر به معجبا ، وكان له أب شيخ كبير ، فكان إذا صلى العتمة انصرف إلى أبيه ، وكان طريقه على باب امرأة فافتتنت به ، فكانت تنصب نفسها له على طريقه ، فمر بها ذات ليلة ، فما زالت تغويه حتى تبعها ، فلما أتى الباب دخلت ، وذهب يدخل فذكر الله عز وجل ، وجلي عنه ، ومثلت هذه الآية على لسانه : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) ، قال : فخر الفتى مغشيا عليه ، فدعت المرأة جارية لها فتعاونتا عليه ، فحملتاه إلى بابه ، واحتبس على أبيه فخرج أبوه يطلبه ، فإذا به على الباب مغشيا عليه ، فدعا بعض أهله ، فحملوه فأدخلوه ، فما أفاق حتى ذهب من الليل ما شاء الله عز وجل ، فقال له أبوه يا بني ما لك ؟ قال خير . قال فإني أسألك ، قال فأخبر بالأمر ، قال أي بني ، وأي آية قرأت ؟ فقرآ الآية التي كان قرأ ، فخر مغشيا عليه ، فحركوه فإذا هو ميت ، فغسلوه وأخرجوه ودفنوه ليلا ، فلما أصبحوا رفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه ، فجاء عمر إلى أبيه فعزاه به ، وقال : ألا آذنتني ؟ قال يا أمير المؤمنين كان الليل ، قال فقال عمر فاذهبوا بنا إلى قبره ، قال فأتى عمر ومن معه القبر فقال عمر : " يا فلان ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، فأجابه الفتى من داخل القبر : " يا عمر قد أعطانيهما ربي عز وجل في الجنة مرتين "

وهذا إسناد واهٍ ، مسلسل بالعلل :
- عمرو بن جامع مجهول ، ذكره ابن عساكر وذكر هذه القصة في ترجمته ، ولم يذكره بجرح ولا تعديل .
- أبو صالح كاتب الليث هو عبد الله بن صالح ، كانت فيه غفلة شديدة ، وكان يقبل التلقين ، فيروي ما ليس من حديثه ، قال ابن المديني : ضربت على حديثه وما أروي عنه شيئا ، وقال النسائي ليس بثقة ، وقال أبو حاتم: الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره فأنكروها عليه ، أرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح ، وكان أبو صالح يصحبه ، وكان أبو صالح سليم الناحية ، وكان خالد بن يحيى يفتعل الكذب ويضعه في كتب الناس .
وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يروي عن الأثبات ما ليس من حديث الثقات ، وكان صدوقا في نفسه ، وإنما وقعت المناكير في حديثه من قِبل جار له ، كان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح ، ويكتب بخط يشبه خط عبد الله ، ويرميه في داره بين كتبه ، فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به .
" تهذيب التهذيب " (5 /227-229) .
- يحيى بن أيوب الخزاعي؛ لم نجد له ترجمة ، ولعله الغافقي المصري ، وهو ثقة في الجملة ، ولكن له أفراد ومناكير وأشياء يخالف فيها الثقات .
انظر : " التهذيب " (11/164) .
- شيخ يحيى بن أيوب : مجهول لم يسم .

فهذه القصة واهية السند ، منكرة المتن ، ولو كانت صحيحة لتوفرت الهمم والدواعي على نقلها بأسانيد صحيحة .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب