الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم الوشم لإخفاء تشوه حصل بسبب المرض

218600

تاريخ النشر : 28-11-2014

المشاهدات : 80025

السؤال


أعاني من بتر في أصابعي التسعة وذلك بسبب تعرضي لتسمم في الدم ، حيث وصل البتر في يدي اليمنى لغاية الفقرة الأولى ، بينما في اليد اليسرى فقد وصل البتر حتى الفقرة الثانية ، وقد نصحني الطبيب بوشم مكان الأصابع المبتورة حتى يظهر الجزء المبتور وكأنه ظفر أصبع فيجعل أصابعي تبدو أطول ، فهل يجوز فعل ذلك ؟

ملخص الجواب

والخلاصة : أن الوشم الذي نصحك به الطبيب جائز لا بأس به بشرط عدم المبالغة بتزيينه وتجميله بل تكتفي بما يحقق إزالة العيب فقط . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه قَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تعالى ، مَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النبيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري (5931 ) .
ومعنى المتفلجات : التي تقوم ببرد أسنانها لتجعلها غير متلاصقة حتى تظهر أنها صغيرة في السن .
وقوله : (للحسن) يدل على أن المحرم هو فعل ذلك طلبا للحسن والجمال ، فيفهم منه أن من فعل ذلك علاجا أو سترا لعيب موجود أن ذلك جائز لا بأس به .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" وأمّا قوله ( وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ) : فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن ، وفيه إشارة إلى أنّ الحرام هو المفعول لطلب الحسن ، أمّا لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السّن ونحوه فلا بأس واللّه أعلم " انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 14 / 107 ) .
وقد ذكر السندي في شرحه لسنن النسائي أن قوله : ( للحسن) يحتمل أن يكون متعلقا بالمتفلجات فقط ، ويحتمل أن يكون متعلقا بجميع ما ورد في الحديث فيشمل الوشم والنمص .
قال الشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي :
" عندي الاحتمال الثاني أولى ، والله تعالى أعلم " انتهى من " ذخيرة العقبى " ( 38 / 131 ) .
ويدل لهذا أيضا ما رواه أبو داود (4170) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ ، وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ ، مِنْ غَيْرِ دَاءٍ ) رواه أبو داود ( 4170 ) ، وحسّن إسناده الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 10 / 376 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " رقم ( 4170 ) .
فقوله : (من غير داء) جاء بعد ذكر الوشم ، ولهذا قال القاري : " متعلق بالوشم . قال المظهر : إن احتاجت إلى الوشم للمداواة جاز وإن بقي منه أثر " .
انتهى من " عون المعبود على سنن أبي داود " ( 11 / 228) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" يجب أن نعلم الفرق بين ما اتخذ للزينة والتجميل وما اتخذ لإزاله العيب فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن للصحابي الذي قطع أنفه أن يركب عليه أنفا من ذهب لإزالة العيب الحاصل بقطع الأنف ( ولعن الواشرة والمستوشرة ) وهي التي تبرد أسنانها بالمبرد لتكون متفلجة أو نحو ذلك لكن لو فرض أن في صف الأسنان اختلاف بعضها بارز وبعضها داخل على وجه يشوه منظر الأسنان فلا بأس باتخاذ شيء يجعلها متراصة متساوية " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " ( 22 / 2 ترقيم الشاملة ) .
وبناء على هذا ، إذا كان الوشم للمداواة أو كان سترا لعيب يؤذي الإنسان –كما في حالتك- فهو
جائز وليس بمحرم .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : أنا فتاة مبتلاة بمرض البهاق الذي شوه مناطق كثيرة من بدني وقد كنت أستخدم بعض المكياج والكريمات لإخفاء المناطق الظاهرة وذلك لعدم احتمالي لنظرات الناس إليّ لشدة حساسيتي من هذا الموضوع ولما يسببه ذلك لي من ضغوط نفسية هائلة انعكست على حياتي الاجتماعية فأصبحت كثيرة الانطواء حتى عن أهلي خاصة عندما كبرت وأصبحت في سن الزواج 22 سنة ، والآن سمعت خبرا أعاد لي شيئا من الأمل وهو وجود مكياج يخفي آثار البهاق من مناطق المواجهة الظاهرة ويبقى لفترات طويلة تصل إلى سنوات ثم يزول بعد ذلك وتعيد وضعه مرة أخرى . وسؤالي: هل هذا المكياج محرم ويعتبر مثل الوشم؟ خاصة أنه يقال لابد من استعمال أجهزة خاصة لإدخاله في الجلد. وجزاكم الله خيراً.
فأجابوا :
" هذه العملية داخلة في عمليات التجميل ... والظاهر أن هذه العملية داخلة في التجميل المباح، لأنها ليست طلبًا لزيادة الجمال ، وإنما هي لإعادة الأمر إلى أصل خلقته ، وليست من الوشم ، لأن الوشم ليس إزالة عيب ، بل زيادة في التجميل ، وكون العملية تجري بأجهزة غير مؤثر في الحكم ما لم يكن في ذلك ضرر أو أمر محرم آخر. والله أعلم." انتهى .
http://goo.gl/SpU2J1
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "أنا شاب أبلغ من العمر عشرين سنة ومقبل على حياة زوجية ولكن الذي يعكر علي حياتي هو أنه يوجد في وجهي حبوب سوداء التي تسمى حبة الخال كثيرة ، ولكن بعضها ملفت للنظر مما يلفت الأنظار نحوي حيث إني كنت عرضة لاستهزاء بعض الناس خصوصاً الصغار أو الأطفال يضحكون مني فكيف الكبار ؟ لذلك تجدني منطوي على نفسي وغارق في التفكير وأخيراً قررت أن أزيل بعضها وهي اثنتان ، فهل في هذا شيء ؟ وماذا لو أني أزلتهما في عمليةٍ جراحية ؟
فأجاب:
" تغيير خلق الله سبحانه وتعالى على نوعين : نوع يراد به التجميل ، ونوعٌ يراد به إزالة السيئ . فأما ما يراد به التجميل كالنمص والوشم والوشر ، والنمص نتف شعر الوجه ، والوشم غرز الجلد بلونٍ أسود أو أخضر أو نحو ذلك من الزركشة التي نراها في أيدي بعض الناس أو وجوههم ، والوشر هو برد الأسنان لتجميلها فلجها أو تصغيرها أو نحو ذلك .
وظاهر النصوص بل صريحها أن ذلك محرم بل من الكبائر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله .
والنوع الثاني على سبيل إزالة المؤذي والعيب فهذا لا بأس به بل قد دلت السنة على أن بعضه مطلوب ، كما في حديث سنن الفطرة من تقليم الأظفار وحف الشوارب والختان فإن هذا في الحقيقة إزالة أشياء مؤذية تنفر منها الطباع السليمة وقد جاء الشرع بطلب فعلها من هذا النوع . بل أقول : إنه من نوعٍ آخر يكون مباحاً إذا حصل للإنسان أشياء مؤذية وأراد أن يزيلها كما ذكر هذا السائل من بعض الحبوب التي يسميها العامة الخال أو حبة الخال فإنه لا بأس أن يزيلها الإنسان ولو بإجراء عملية إذا غلبت السلامة في إجراء هذه العملية ، ولهذا أمر الشرع بمداواة الأمراض وشبهها على وجهٍ مشروع ، ولا شك أن هذه العيوب البدنية الجسمية أنها نوعٌ من الأمراض ، ثم إنها إن لم تكن مرضٌ يؤثر على الجسم بانحطاط قوته فهي مرضٌ نفسيٌ لأن الإنسان يتضايق منها كثيراً كما ذكر هذا الأخ الذي سأل ، فعليه نقول : لا بأس من إجراء العملية لإزالة هذه الأشياء بشرط أن تغلب السلامة ويغلب على الظن النفع بهذه العملية " انتهى ـ من " فتاوى نور على الدرب" .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب