الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

أمها تمنعها من الزواج وتتحكم في حياتها ووالدها ميت ، فماذا تفعل ؟

219556

تاريخ النشر : 29-11-2014

المشاهدات : 32169

السؤال


أنا بنت في سن التاسعة والثلاثين من عمري ، مشكلتي أن أمي ترفض أن أتزوج ، هذا ما جعلني غير متزوجة رغم تقدم كثير من العرسان لي ، أبي متوفى منذ أن كنت صغيرة ، وأنا البنت الوحيدة ، وسط ثلاثة إخوة ، اثنان منهم متزوجان ، تتحكم في حياتي ، ولا أريد أن أعصي لها أمرا ، لا أحد يستطيع مجابهتها ، أفيدوني ماذا أفعل ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
لا شك أن محبة الأم لأبنائها أمر مركوز في فطر العباد ، ومن ضرورة ذلك : حرصها التام على مصلحتهم ، ومن أهم ما يؤرق الأم : زواج ابنتها ، وأن تتيسر لها أفضل الفرص للعيشة السوية الكريمة .
نعم ، قد لا تحسن بعض الأمهات تقدير ذلك ، والموازنة بين المصالح ، ومراعاة المصلحة الحقيقية ، قد تنظر إلى اعتبارات لا ينبغي التعويل عليها ، قد .. وقد ..
لكننا نقدر أيضا : أن الزواج حق من حقوقك ، وصاحب الحق أولى من يطالب بحقه ، والشأن الآن : أن تتفاهمي مع الوالدة بكل صراحة ، وتعرفيها أن الوقت لم يعد في مصلحتك مطلقا ، وقديما قالت العرب : زوج من عُود ، خير من قعود !!
والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .
قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية : " هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح أي زوجوا من لا زوج له منكم ، فإنه طريق التعفف ، والخطاب للأولياء .... وقوله ( الأيامى منكم) ، أي الذين لا أزواج لهم من النساء والرجال " انتهى من " الجامع لأحكام القرآن" (12/239).
ثانيا:
إذا لم تجد محاولاتك نفعا ، فاستعيني بعد الله بالعقلاء من أقاربك ، ممن لهم تأثير على والدتك ، كأخوالك أو خالاتك أو أعمامك أو عماتك ، أو حتى إخوانك إن كانوا يستطيعون إقناعها .
فإن لم تحل المشكلة بذلك التفاهم والتواصل مع الوالدة ، وأصرت على تعنتها في أمر زواجك ؛ فاعلمي أن الله سبحانه وتعالى إنما جعل ولاية المرأة في النكاح : بيد الرجال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود ( 2085 ) ، والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (1839).
وولي المرأة هو : أبوها ، ثم أبوه ، ثم ابنها ثم ابنه (هذا إن كان لها ولد) ، ثم أخوها لأبيها وأمها ، ثم أخوها لأبيها فقط ، ثم أبناؤهما ، ثم الأعمام ، ثم أبناؤهم ، ثم عمومة الأب ، ثم السلطان .
وحيث إن والدك متوفيا ، فإنّ الولاية تنتقل إلى الجد ، فإن كان موجودا فأخبريه برغبتك في الزواج ، وإن لم يكن موجودا فولايتك عند إخوانك ، فحاولي إقناعهم بهدوء لرغبتك في الزواج لتكسبي تأييدهم ، وإذا تقدم إليك خاطب كفؤ ، فأخبريهم بموافقتك على الزواج منه , وإكمال إجراءات الزواج ، حتى ولو غضبت أمك , وليس في ذلك عقوق لها.
فإن رفض إخوانك ، وسائر عصبتك الذين يمكنك التواصل معهم ، تزويجك من الكفء ؛ فإن هذا يعتبر عضلا ، حرمه الله عز وجل ، فلا حرج عليك في أن ترفعي أمرك إلى القاضي ، ليتم زواجك في المحكمة ، بمعرفة القاضي ، وتصرفه ، وهذا أفضل لك من أن تقضي بقية عمرك بلا زوج ، أو أن يمضي قطار الزواج بعيدا عنك ، وأنت على حالك .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه : فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى ، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب ، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي ، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه ، وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها : أن يزوجها ؛ لأن له ولاية عامة ، ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/148).
نسأل الله لك التوفيق والسداد ، وأن ييسر لك أمرك ، وأن يرزقك الزواج ، ويرضي أمك عنك.
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب